ويظهر الثمرة أيضا في عدم تحريم كلّ من الامّ والبنت بمجرّد العقد عليهما من غير دخول ، نظرا إلى قوله تعالى : ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ )(١) على القول برجوع القيد إلى الجملتين ، فإنّ قوله : ( مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ ) على القول برجوعه إليهما يستلزم كون لفظة « من » مستعملة في معنيين البيان بالقياس إلى الجملة الاولى والابتداء بالقياس إلى الثانية ، فعلى القول بجواز هذا الاستعمال تصير الآية دليلا على اشتراط الدخول في تحريم كلّ من الامّ والبنت المعقود عليهما ، وعلى القول بعدمه يختصّ الاشتراط بتحريم البنت في العقد على الامّ ، لقيام قرينة حينئذ قاضية باختصاص القيد بالجملة الأخيرة صونا للاستعمال في كلام الحكيم عن كونه غلطا. وفي الجميع نظر ، لوضوح عدم كون الغرض من تدوين هذه المسألة في الكتب الاصوليّة تفريع هذه الامور عليها ، مع إمكان المناقشة في صحّة بعضها كمسألة الإقرار ، فإنّ نفوذه من جهة كشفه عن الواقع لا من جهة تأثيره شرعا في حصول المسبّب الواقعي ليقبل من الخصوصيّات والشروط كلّما اعتبره الشارع ، فيجوز نفوذ الإقرار بالاستعمال حيثما كشف عن الواقع بعنوان القطع.
فإنّ الكلام في صورة قيام الدلالة القطعيّة على إرادة أكثر ، ولذا يلزم بواحد فيما لو قال : « له عليّ عشرة إلاّ تسعة » على القول بعدم جواز استثناء الأكثر ، هذا مع ما [ في ] جعل مسألة اشتراط تحريم كلّ من الامّ والبنت المعقود عليهما بالدخول ثمرة لأمثال هذه المسألة نظرا آخر.
فإنّ المسائل الفرعيّة إنّما تصلح ثمرات للمسائل الاصوليّة الّتي يطلب بها في باب المشتركات إحراز الدلالة على الحكم الشرعي الفرعي ، وضابطها الكلّي اندراجها في تعريف اصول الفقه : « بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن الأدلّة » وهذه المسألة من المبادئ اللغويّة الّتي قد يستنبط بها الموضوعات. وقد يستنبط بها ما هو من قبيل المسائل الاصوليّة ، فإنّ كون التبادر
__________________
(١) النساء : ٢٢.