والثاني يحصل بمعاونة الخارج من شيوع وجود أو إطلاق فلا معنى للنقض به ، بل هو عند التحقيق ليس فهما للفرد من اللفظ ، بناء على أنّ قرينة الشيوع في نحو مفروض المقام لا تتعرّض للّفظ بصرفه عن معناه الحقيقي وهو الماهيّة إلى الفرد ، على حدّ سائر المجازات باعتبار قرائنها الصارفة ، بل إنّما يتعرّض المعنى وهو الماهيّة بعد انفهامها من اللفظ بحكم الوضع بصرفها عن مقتضى اللابشرطيّة إلى اعتبارها بشرط الوجود.
وهذا هو وجه الفرق بين الشهرة في المجاز المشهور الّذي صار فيه الجمهور إلى الوقف والشيوع في المطلقات المشكّكة الّذي صار الجمهور فيه إلى الاعتبار ، على معنى جعله مناطا لصرفها إلى الأفراد الشائعة ، بل لعلّه ممّا لا خلاف فيه ، فإنّ الشهرة في الأوّل لكونها قرينة صارفة متعرّضة للّفظ فيزاحمها الوضع وأصالة الحقيقة المقتضية للحمل على الموضوع له ، بخلاف الشيوع في الثاني فإنّه لعدم تعرّضه للّفظ سليم عمّا يزاحمه ممّا هو في جانب اللفظ ، لكون الصرف فيه اعتبارا يحصل بعد الفراغ عن العمل بمقتضى أصالة الحقيقة فيكون على اقتضائه من صرف الماهيّة عن الإطلاق إلى التقييد ، وبذلك يندفع ما دخل في بعض الأوهام من شبهة التدافع بين كلامي الجمهور ، من حيث فرقهم بين المقامين وأخذهم بمقتضى إحدى الغلبتين دون الاخرى.
وعن الرابع : بأنّ المراد بالملازمة المدّعاة امتناع تخلّف الوضع عن التبادر لا استحالة تخلّف التبادر عن الوضع ، وهذا معنى ما يقال : من أنّ العلامة ليست كالمعرّف ليعتبر فيها الاطّراد والانعكاس معا ، بل غاية ما يعتبر فيها الاطّراد ، فإنّ من حكمها أن لا توجد مع غير ذيها ، ولا تعتبر فيها وجودها مع جميع أفراد ذيها ، ومرجعه إلى اشتراط مساواتها له أو كونها أخصّ منه.
وأمّا إذا كانت أعمّ فلا يعقل كونها علامة ، لعدم دلالة للأعمّ على الأخصّ.
وربّما يجاب عنه : بمنع العدم ، فإنّ التحقيق في المشترك أنّه مجرّدا عن القرينة يدلّ على جميع معانيه دلالة تامّة ، وإنّما المحتاج إلى القرينة تعيين ما هو المراد منه لا أصل الدلالة.