العلم بكونه حقيقة إذ مع احتمال المجازيّة يستحيل العلم بعدم الصحّة على هذا الوجه ، فالعلم بكونه حقيقه موقوف على العلم بكونه حقيقة.
وإلى نحو التقريرين يرجع ما في كلام بعض الأعاظم (١) في علامة المجاز ، من أنّ العلم بصحّة السلب إنّما يتوقّف على عدم كون المعنى من المعاني الحقيقيّة ، فلو توقّف العلم بذلك على صحّة السلب لزم الدور.
وما في كلام بعض الأجلّة (٢) في علامة الحقيقة ، من أنّ عدم صحّة السلب إنّما يعلم إذا علم بكون اللفظ حقيقة في المعنى ، فإنّ المجازي يصحّ سلبه قطعا ، فلو كان العلم بالحقيقة موقوفا على العلم بعدم صحّة السلب لزم الدور.
وأمّا من توهّمه مضمرا في جانب علامة المجاز ، فقد قرّره ـ على ما في كلام بعض الأعلام مصرّحا بكونه مضمرا بواسطتين ـ : بأنّ كون المستعمل فيه مجازا لا يعرف إلاّ بصحّة سلب جميع المعاني الحقيقيّة ، ولا يعرف سلب جميع المعاني الحقيقيّة إلاّ بعد معرفة أنّ المستعمل فيه ليس منها ، لاحتمال الاشتراك فإنّه يصحّ سلب بعض معاني المشترك عن بعض ، وهو موقوف على معرفة كونه مجازا ، فلو أثبت كونه مجازا بصحّة السلب لزم الدور.
ويرد عليه أوّلا : إنّ المقدّمة الثانية المفروض كونها واسطة لا تغاير المقدّمة الاولى بالذات بل هي عينها ، فإنّه إذا علم بصحّة سلب العين بمعنى الذهب والفضّة والجارية والباكية والركبة مثلا عن الربيئة كانت في معنى العلم بأنّها ليست بشيء منها.
ولو سلّم المغايرة ، فهي مغايرة استلزاميّة على غير جهة التوقّف بدليل عدم الترتّب بينهما كما يدركه الوجدان ، وما عرفته في تعليل وجه التوقّف فمحلّه المقدّمة الاولى المحكوم عليها بالحاجة إلى صحّة سلب الجميع ، كما هو واضح.
وثانيا : إنّه على فرض تسليم الإضمار مضمر بواسطة لا بواسطتين ، فإنّ
__________________
(١) إشارات الاصول : ٣٥ ( الطبعة الحجرية ).
(٢) هو السيّد مهدي بحر العلوم رحمهالله.