قربه من العزة وعن الضعف والوهن بقدر قربه من مصدر القدرة المطلقة والقوة الخارقة ـ وحيث ان كل واحد من اهل البيت عليهمالسلام ابتداء بالنبي وانتهاء بالمهدي عجل الله تعالى فرجه ـ قد ذابوا في الله حبا وزادوا بذلك قربا كانوا متفوقين بكل الصفات الكمالية ومن اهل هذا البيت الطاهر علي عليهالسلام ومن الصفات الكمالية صفة الشجاعة والبطولة الايمانية وبما ذكرنا ظهر الوجه في بروزه بهذه الصفة وتفوقه على غيره باستثناء النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا نحتاج الى المزيد من البيان لتوضيح هذه الحقيقة وتأكيد ثبوتها في حقه عليهالسلام اولا للوجه الاجمالي العام الدال على سبب تفوقه بكل المزايا الحميدة وثانيا لشهادة الواقع والحوادث التاريخية بواقعية كل ما نسب اليه ووصف به من الخصال السامية وخصوصا صفة البطولة والشجاعة فقد عرف بها واشرقت في شخصيته الفذة من ايام طفولته عندما كان يطرد الاطفال الذين يتعرضون للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالايذاء باغراء من آبائهم وعندما عرف علي الطفل ـ بذلك طلب من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يصحبه معه اذا اراد الخروج الى اي مكان ولبى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طلبه وصحبه معه وتوجه الاطفال نحوه ليقوموا بعملية الايذاء والاعتداء واذا بعلي الشبل ينطلق نحوهم بقوة وينقض على احدهم انقضاض النسر الكبير على العصفور الصغير ويأخذه بأذنه ليحس بالالم الشديد وكأنها انقلعت بيده وادى ذلك الى تخوفهم منه وتهيبهم من التصدي للنبي حال حضوره معه وأصبحوا بعد ذلك يشردون منه بمجرد رؤيتهم له ويقولون جاء قالع الاذان ـ واتفق يوما من ايام طفولته البطلة ـ ان كان ماشيا بصحبة طفل آخر وشاء القدر ان يسقط هذا الطفل في باب بئر محفور في طريق عبورهما واذا بعلي البطل يسرع اليه ليأخذ برجله وينقذه من السقوط في ذلك البئر رغم ان هذا الطفل كان اكبر منه سنا بسنة.
وقد برزت هذه الشجاعة الايمانية والبطولة الحيدرية بأوضح صورها ليلة مبيته مكانه في فراشه تمهيدا لهجرته المباركة وقد اشار الله اليها واشاد بذكرها في كتابه الكريم بقوله تعالى :
( ومن الناس من يشري نفسه ـ اي يبيعها ـ ابتغاء مرضات الله والله