من ليالي هذا الشهر المبارك مع تسليم استمرارها بعد عصر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم انحصارها في زمانه مضافا الى القول بانحصارها في شهر رمضان الميمون كما هو المشهور وعدم الالتفات الى القول المفيد لوقوعها في بعض الشهور الاخرى ـ كشعبان والمشهور لدى الطائفة الشيعية ترتيب الاثر على ثلاث ليالي ورد بيانها والنص عليها في جواب سؤال وجه الى الإمام الصادق من قبل احد اصحابه طلب منه به تعيين ليلة القدر فقال عليهالسلام : اطلبها في تسع عشر واحدى وعشرين وثلاث وعشرين ـ وان كان الراجح لدى البعض كونها الاخيرة اي ليلة ثلاث وعشرين ـ اعتمادا على بعض الروايات المتضمنة لذلك وبيان هذه الامور التي مرت الاشارة اليها في الجهات الثلاث وان كان راجحا ومفيدا بلا اشكال الا ان الاهم بيان ما هو الاهم منها بلحاظ النتيجة والآثار الايجابية التي ينبغي ان تحصل وتترتب على احياء ليلة القدر ـ ليكون احياء حقيقيا عمليا لا يقف اثره على صورة الاعمال ومقدار ما يمارس منها بعنوان الاحياء ـ بل ينفذ الى الروح روح تلك الاعمال المستحبة المعهودة حتى يبعثها فيها فتصبح حية بعد الموت ومتحركة بعد الجمود في طريق تحقيق الهدف الكبير والغاية الاساسية التي خلق الله الإنسان والكون من اجلها وهي عبادته وحده لا شريك له وهذه العبادة الخالصة المخلصة هي التي عبر عنها بالتقوى في كثير من الايات الكريمة ومنها قوله سبحانه :
( يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣) ) (١).
وبعد معرفة روح الاعمال التي يؤتى بها بعنوان العبادة والتعبد لله سبحانه سواء كانت واجبة ام مستحبة في شهر رمضان ام في غيره ـ نستطيع ان نعرف نوعها وواقعها من حيث الحياة والموت ومن حيث القوة والضعف
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ١٨٣.