لحكمة ومصلحة اقتضته لان اعلان ذلك والتصريح به يسبب المزيد من الضغط عليه وعلى الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : ويبطل دور الوساطة ومحاولة التخفيف من ضغطهم الظالم عليه وعلى الرسالة مع ان شعره المذكور صريح باعترافه وتصديقه بالدعوة الإسلامية المباركة.
ويؤكد ذلك ما روي من ان الله سبحانه اوحى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد وفاة عمه هذا ـ طالبا منه الهجرة من مكة المكرمة الى المدينة المنورة ومعللا له هذا الطلب بموت ناصره الذي كان يحميه ويدفع عنه اعتداء المشركين وقد اخبر الرسول الاعظم بما طرأ عليه من ظلمهم بعد وفاة كافله وحاميه بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما نالت مني قريش الا بعد وفاة عمي ابي طالب.
ويضم الى المؤكد المذكور مؤكد اخر وهو الحزن الشديد الذي هز كيان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على اثر وفاة عمه هذا مع وفاة زوجته المؤمنة الوفية المخلصة المضحية في سبيل الرسول والرسالة ـ وهي خديجة بنت خويلد ام سيدة نساء العالمين وجدة الأئمة الطيبين الطاهرين وقد عبر عن عميق حزنه وشدة تألمه لحدوث هاتين المأساتين في عام واحد ـ بتسمية هذا العام بعام الحزن.
ومن الواضح ان النبي المعصوم الذي لا ينطق بلسانه ولا يحزن في قلبه الا اذا كان ذلك النطق صدقا وهذا الحزن لله وفي سبيل الله تعالى كما لا يحب ولا يبغض الا لله وفي الله هذا اوضح دليل واصدق شاهد على توحيد عمه وايمانه الصادق اذ لا يعقل في حقه ان يحزن لوفاة انسان مشرك حتى ولو كان من اقرب الناس اليه وخصوصا اذا كان الحزن عميقا ومعلنا عنه بمدة عام.
هذا هو الواقع الذي اشرق فجره وضاء يبدد ليل الاوهام والشبهات التي اثارها اعداء الرسول والرسالة من بني امية وبني العباس عبر تلك الروايات التي لفقوها زوراً وبهتانا من اجل ان ينالوا من مقام هذا المؤمن الموحد الصلب في ايمانه ـ ابي طالب ( رض ) ونجله الإمام علي عليهالسلام بطريق غير مباشر ـ لذلك يتوقع من كل انسان حر الضمير سليم الفكر والمنطق ان لا