جل جلاله ويهدي إليه ، ولا تقل ما أقدر على سلوك ذلك السبيل ، وقل لنفسك : ويحكِ كيف تقولين ما أقدر ولو وقفتِ بين يدي سلطان جليل كنتِ على صفة عبد ذليل ، فمثل ما تذلين للملوك من مماليك مولاكِ كذا يكون تذللكِ له ، فإنكِ إن كنتِ ما ترينه فإنه يراكِ ، فلو كنتِ ما تقدرين ما عملتِ ذلك التذلل مع المملوك من مماليك سلطان العالمين ، ولو قالوا لكِ : ما عليكِ منا خوف وأنتِ من الآمنين ما زادكِ ذلك إلّا تذللاً لهم ، وخضوعاً في حضرتهم لتتقربي إليهم وإلى محبتهم.
فلا تعذر نفسك إذا كانت منزلة الملوك من العباد أرفع عندها من حرمة سلطان الدنيا والمعاد ، وإذا الخواص يكون سجودهم على ما سيأتي ذكره من الخضوع فينبغي أن تكون أنت أي صاحب الجنايات على أضعاف ذلك من الخوف والخشوع.