ما ذكرناه ما ذكره الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين ـ رحمهمالله تعالى ـ حيث قال في (شرح الاستبصار) : (وقد اتّفق للمتأخّرين (١) نوع إجمال في الفرق بين جاهل الأصل وجاهل الحكم. والذي يستفاد من الخبر الذي ذكره الشيخ في النكاح أن ما يمكن معه الاحتياط لا يعذر صاحبه (٢). لكن الحال في هذا لا يخلو من إجمال ، فإن الاحتياط لمن لا يعلم (٣) التحريم في خصوص ما ذكر في الرواية ممكن لمن علم إجمالا بأن الله تعالى قد حلّل وحرّم ؛ فالسؤال عن الحلال والحرام قبل الفعل على سبيل الاحتياط ممكن.
غاية الأمر أن الاحتياط يتفاوت بالقرب والبعد.
ولعلّ هذا هو المراد في الرواية ، فيراد : ما يمكن فيه الاحتياط على وجه قريب ، ولو لا هذا لم يكن أحد من الجهّال معذورا ، بعد أن علم أنه مكلّف. والحال أن الرواية تفيد خلاف ذلك ، وكلام (٤) بعض الأصحاب الذين رأينا كلامهم ، تارة يعطي عدم عذر الجاهل بالحكم الشرعيّ كالمكان المغصوب إذا علم غصبه (٥) وجهل حكمه ، وتارة يعطي ما يخالف ذلك ، كما [يعلمه] (٦) من تتبع كلامهم (٧).
والخبران (٨) اللذان ذكرناهما [ربّما] يفيدان عذر الجاهل بنوع آخر) (٩). انتهى كلامه زيد مقامه.
ثم قال شيخنا المشار إليه ـ بعد نقل هذا الكلام ـ : (وبالجملة ، فالمعذور هو
__________________
(١) في «ح» : المتأخّرين.
(٢) تهذيب الأحكام ٧ : ٣٠٦ / ١٢٧٤.
(٣) استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ٣ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٤) من «ح» وفي «ق» : خلاف.
(٥) في «ح» : بغصبه.
(٦) من المصدر ، وفي النسختين : يعلم.
(٧) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٨) الفقيه ١ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ / ١٢٦٦ ، تهذيب الأحكام ٧ : ٣٠٦ / ١٢٧٤ ، وسائل الشيعة ٨ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٧ ، ح ٤ ، و ٢٠ : ٤٥٠ ـ ٤٥١ ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوه ، ب ١٧ ، ح ٤.
(٩) استقصاء الاعتبار ٣ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠.