لكن ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يكن ثمّة مانع شرعيّ من تقيّة ونحوها ، لما روى في (الاحتجاج) عن عبد الله بن سليمان قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام ، فقال له رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى : إن الحسن البصريّ يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم من يدخل النار. فقال أبو جعفر عليهالسلام : «فهلك إذن مؤمن آل فرعون والله مدحه بذلك! وما زال العلم مكتوما مذ بعث الله رسوله [نوحا] فليذهب الحسن يمينا وشمالا ، فو الله ، ما يوجد العلم إلّا هاهنا» (١).
وروي في تفسير الإمام العسكري عليهالسلام (٢) عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : «سمعت رسول الله عليهالسلام يقول : من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره وتزول عنه التقية ، جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار» (٣).
هذا غاية ما يمكن الاستدلال به في المقام إلّا إن احتمال التخصيص بالسؤال قائم في الجميع كما يدلّ عليه الخبر الأخير ، بل ربما دلّت على ذلك الأخبار المتقدّمة الدالّة على وجوب طلب العلم على المكلف والسؤال ، ولا سيما قول الصادق عليهالسلام : «لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا» (٤).
أو قوله : «لوددت أن أصحابي ضربت رءوسهم بالسياط ، حتى يتفقّهوا» (٥).
وأمثال ذلك ، فإنه يدلّ بأصرح دلالة على وجوب السؤال والتعلّم عليهم ابتداء ، ولو كان الواجب على العالم التعليم ابتداء ، لوسع الجهّال ترك السؤال حتى يأتيه العالم بعلمه (٦) ، والأخبار بخلافه. فالأظهر حينئذ هو تخصيص الأخبار
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ١٩٣ / ٢١٢.
(٢) في «ح» : الامام الحسن العسكري عليهالسلام.
(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٠٢ / ٢٧٣.
(٤) الكافي ١ : ٤٠ / ٤ ، باب سؤال العلم وتذاكره.
(٥) الكافي ١ : ٣١ / ٨ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه.
(٦) ليست في «ح».