والمملوك و [الحر] (١) ، والنائم واليقظان ، ونحوها ، ومواضع أخرى ممّا يقطع فيها بالصدق حقيقة مع عدمه ، كالمخبر والمتكلّم ونحوهما ، فإنّه لو اعتبر وجود المبدأ في الصدق ؛ لما صدق على أحد بالكلّيّة فإنه لا يتصوّر معناهما ، إلّا بحصول أجزاء المتلفّظ به (٢) ، وهي حروف تنقضي أولا فأوّلا ، ولا تجتمع في حين ، فقبل حصولها لم يتحقّق المعنى ، وبعده قد انقضى.
ومثل مؤمن وكافر ، فإنه لو اعتبر في صدقهما حقيقة وجود المبدأ لما صدقا على من كان منهما نائما أو غافلا ؛ للخلوّ عن التصديق والإنكار اللذين هما مناط الإيمان والكفر. مع أن الإجماع قائم على الصدق في الحالين ، وعورض بنفس المثالين المذكورين فإنه لو لم يعتبر في صدقهما وجود المبدأ لصدق المؤمن على من كان كافرا الآن باعتبار حصول الإيمان منه سابقا ، والكافر (٣) على من كان بالعكس. إلى غير ذلك من المواضع الّتي بعضها كالأوّل ، وبعضها كالثاني.
ومن أجل ذلك اختلف كلامهم ، وتصادمت أفهامهم ، فقيل بعدم الاشتراط مطلقا ؛ وقوفا على ما دلّ على الصدق مع عدم اعتبار المأخذ ، وزيّنوا ذلك بأدلّة ذكروها لا تكاد تسلم من المناقشة والإيراد ، وأجابوا عمّا عارضها بأجوبة لا تفي بالمراد ، وإلى هذا ذهب كثير من المعتزلة (٤) ، وأكثر الامامية (٥).
وقيل : بالاشتراط ؛ أخذا بما دلّ من تلك الأمثلة على ذلك ، وأطالوا في
__________________
(١) في النسختين : الموجود. انظر كلام الأسترآبادي في حاشيته على مدارك الأحكام الآتي في الصفحة : ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٢) في «ح» : اللفظ ثمّة ، بدل : المتلفظ به.
(٣) في «ح» : كافر.
(٤) انظر المحصول في علم الاصول : ٧١ ـ ٧٤.
(٥) انظر : تمهيد القواعد : ٨٤ / القاعدة : ١٩ ، روض الجنان : ٢٥ ـ ٢٦ ، رسائل المحقق الكركي ٢ : ٨٢ ، جامع المقاصد ١ : ١٠٣ ، هداية الأبرار : ٢٤٨.