وقيل بتخصيص محلّ النزاع بما قصد به الحدوث من المشتقّات لا الدوام. ونقل (١) ذلك عن المحقق التفتازاني في مقام الجواب عمّن استدلّ على عدم الاشتراط بصدق المؤمن على النائم والغافل. والمفهوم من عبارته على ما نقله عنه بعض الأفاضل (٢) ، تقييد محلّ النزاع بكلّ من معنيي (٣) الحدوث وعدم طروء الضد الوجوديّ ، حيث قال : (والتحقيق أن النزاع في اسم الفاعل [وهو] الذي بمعنى الحدوث لا [في مثل] المؤمن والكافر ، والنائم واليقظان ، والحلو والحامض ، والحر والعبد ، ونحو ذلك مما يعتبر في بعضه الاتّصاف به ، مع عدم طريان المنافي في بعضه الاتصاف بالفعل البتة) انتهى.
وهو جيد متين (٤) ، فإن الظاهر أنّ المراد بالمشتق الذي لا يشترط في صدقه بقاء مأخذ الاشتقاق هو ما جرى على ما اشتقّ منه في إرادة الحدوث والتجدّد ، لا ما خرج عنه بأن قصد به الدوام ، أو ذو كذا أو غير ذلك من المعاني. ألا ترى أن الصفة المشبهة بالفعل ، وأفعل التفضيل ، واسم الزمان والمكان ، حيث لم تجر عليه في ذلك لم تصدق إلّا على من هو متّصف حالة الإطلاق ، وإلّا لزم إطلاق حسن الوجه على قبيحه وبالعكس باعتبار ما كان ، وصدق : زيد أفضل من عمرو (٥) ، على من هو أجهل منه الآن وبالعكس ؛ باعتبار ما كان إطلاقا على جهة الحقيقة؟
__________________
(١) زبدة الاصول : ١٠.
(٢) الظاهر أن مراده قدسسره بأنه حيث كان بناء الكلام إنّما هو على القواعد الظاهرة في الوضع اللغويّ كما تقدّم في صدر كلامه ، وقال : (إن العالم باعتبار ذلك من قام به العلم ، فالبساطة المذكورة في كلام المحققين باعتبار النظر الدقيق إنما هي باعتبار سلب مأخذ الاشتقاق ، فلا بدّ في بقاء معناه ـ لغة باعتبار قواعد اللغويين ـ من إبقاء مأخذ الاشتقاق الذي يحصل به التركيب وعدم البساطة ، فتأمّل). منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٣) في «ح» : معنى.
(٤) في «ح» : معين.
(٥) في «ح» : أفضل زيد من عمرو.