ورواية عبد الله بن بكير المروية في كتاب (قرب الإسناد) قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أعار رجلا ثوبا يصلّي فيه ، وهو لا يصلّى فيه ، قال : «لا يعلمه». قلت : فإن أعلمه؟ قال : «يعيد» (١).
ويستفاد من هذه الأخبار كراهية الإخبار فضلا عن جوازه ، فكيف بالوجوب الّذي توهّموه؟
فالظاهر (٢) أن الوجه في ذلك هو أنه لما كان بناء الأحكام الشرعيّة ، إنما هو على الظاهر في نظر المكلّف دون الواقع ونفس الأمر تحقيقا لبناء الشريعة على السهولة والسعة ، وأنّ الفحص عن أمثال ذلك تضييق لها ، نهوا عليهمالسلام عن الإخبار بذلك والإعلام كما ورد في صحيحة البزنطي قال : سألته عن الرجل يأتي السوق ، فيشتري جبة خزّ ، لا يدري ذكية هي أم لا ، أيصلي فيها؟ قال : «نعم ، ليس عليكم المسألة إن الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم ، وإن الدين أوسع من ذلك» (٣).
وفي حديث بكر بن حبيب المرويّ في كتاب (المحاسن) قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الجبن ، وأنه يوضع فيه الإنفحّة من الميتة (٤)؟ فقال : «لا يصلح». ثم أرسل بدرهم فقال : «اشتر من رجل مسلم ولا تسأله عن شيء» (٥).
إلى غير ذلك من الأخبار (٦).
وبالجملة ، فإنه لمّا كان إناطة الأحكام بالواقع مستلزمة للعسر والحرج ، بل
__________________
(١) قرب الإسناد : ١٦٩ / ٦٢٠.
(٢) في «ح» : والظاهر.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٦٨ / ١٥٢٩ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٩١ ، أبواب النجاسات ، ب ٥٠ ، ح ٣ ، وفيهما : «إن الدين ...».
(٤) في «ح» : الميت.
(٥) المحاسن ٢ : ٢٩٦ / ١٩٧٧.
(٦) انظر وسائل الشيعة ٣ : ٤٩٠ ، أبواب النجاسات ، ب ٥٠.