تكليف بما (١) لا يطاق ، جعلها الشارع منوطة بعلم المكلّف. وحينئذ ، فتكلّف المكلّف بنفسه الفحص عن الأشياء ، أو إخبار الغير له بذلك ـ مع أنه غير مكلف بما هنالك ـ تضييق للدين المبنيّ على السعة ، ومنشؤه الوسواس والجهل بالأحكام الشرعيّة ، وما بنيت عليه الملّة الحنيفية ، كما أشار إليه في صحيح البزنطيّ.
وأمّا ما ذكره من عدم الائتمام ، ووجوب الانفراد على المأموم في الأثناء فتحقيق القول فيه مبنيّ على مسألة اخرى ، وهي (٢) أن من صلّى في النجاسة جاهلا بها (٣) هل صلاته ـ والحال كذلك ـ صحيحة مبرئة للذمة واقعا وظاهرا ، أو تكون صحيحة ظاهرا باطلة واقعا ، إلّا إنه غير مأخوذ ولا مأثوم ؛ لمكان الجهل بالنجاسة؟ ظاهر الأصحاب كما صرح به شيخنا الشهيد الثاني في (شرح الألفية) ، هو الثاني حيث قال في مسألة ما لو تطهر بالماء النجس جاهلا بعد أن ذكر أن من مبطلاتها الطهارة بالماء النجس ، سواء علم بالنجاسة أو لا ، ما صورته :
(حتى لو استمر به الجهل (٤) حتى مات فإن صلاته باطلة ، غايته عدم المؤاخذة عليها ؛ لامتناع تكليف الغافل. هذا هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة (٥) وكلام الجماعة) (٦) انتهى.
وحينئذ ، فيتّجه وجوب الانفراد على المأموم ؛ لظهور بطلان صلاة الإمام عنده ، وعدم جواز الاقتداء بصلاة باطلة وإن كانت صحيحة في نظر الإمام من حيث جهله بالنجاسة. وربما يحتمل على ذلك وجوب الإعلام أيضا. والأظهر
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : ما.
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : وهو.
(٣) في «ح» : لها.
(٤) في «ح» : الجهل به ، بدل : به الجهل.
(٥) انظر الألفيّة في الصلاة اليوميّة : ٦٣.
(٦) المقاصد العليّة في شرح الرسالة الألفيّة : ٢٩٢.