لوجب فساد جميع العبادات المشروطة بالطهارة لكثرة النجاسة في نفس الأمر) انتهى.
وبذلك يظهر لك أن الأصحّ هو صحّة صلاة المصلّي في النجاسة جاهلا ظاهرا وواقعا واستحقاق الثواب عليها ، وبه يتضح أن لا وجه للانفراد في أثناء الصلاة كما ذكره المجيب ، بسبب رؤية (١) النجاسة.
فإن قيل : هذا في صورة حمل الإمام على كونه جاهل النجاسة متّجه ، وأمّا مع احتمال العلم بها ونسيانها فالمشهور بين الأصحاب وجوب الإعادة في الوقت ، وقيل مطلقا ، وعليهما فلا يتمّ ما ذكرتم ؛ لأن وجوب الإعادة كاشف عن البطلان.
قلنا فيه :
أولا : أنه قد تقرّر في كلامهم (٢) ، ودلّت عليه الأخبار (٣) أيضا حمل أفعال المسلمين على الصحّة ، وأن الفعل متى احتمل كلّا من الصحّة والبطلان ، فإنه يحمل على الوجه المصحّح ، حتى يقوم يقين (٤) البطلان. وهذا أصل عندهم قد بنوا عليه أحكاما عديدة في العبادات والمعاملات ، كما لا يخفى على المتدرّب.
وحينئذ ، فنقول (٥) : إنه لمّا ثبت أن الصلاة في النجاسة جهلا صحيحة ظاهرا أو واقعا ، فعلى تقدير القول ببطلان الصلاة فيها نسيانا ، فرؤية النجاسة المحتملة لكونها مجهولة أو منسية (٦) يقتضي الحمل على الوجه المصحّح ؛ إذ الأصل هو الصحة و «الناس في سعة ما لم يعلموا» (٧).
__________________
(١) في «ح» : رواية.
(٢) الوافية : ١٨٤.
(٣) انظر : وسائل الشيعة ٣ : ٤٩٠ ـ ٤٩٤ ، أبواب النجاسات ، ب ٥٠.
(٤) من «ح» ، وفي «ق» : تعين.
(٥) في «ح» بعدها : له.
(٦) في «ح» بعدها : فلا.
(٧) الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢ ، باب نوادر كتاب الأطعمة ، وفيه : «هم في سعة حتّى يعلموا» ، عوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ / ٩ ، وفيه : «إن الناس في سعة ما لم يعلموا».