ما لم يرد فيه نصّ وحلّيّة قول بغير علم ، بل ولأظن ؛ لأنّ الإباحة الأصليّة ـ كما عرفت ـ قد ارتفعت بورود (١) الشريعة وتضمنها وقوع الأحكام على جميع الجزئيات وإن لم تصل إلينا. والإباحة الشرعية موقوفة كغيرها من الأحكام على الدليل.
أجاب بعض فضلاء متأخري المتأخرين بتخصيص التثليث في الأحكام ، واختصاص الشبهة بما تعارضت فيه الأخبار ، قال (٢) : (فأما ما لم يرد فيه نصّ ، فليس من الشبهة في شيء ، ثم إنه على تقدير شمول تلك الأخبار له ، وتسليم كونه شبهة يخرج بالأخبار الدالة على أن «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» ، ونحوه مما تقدم) انتهى.
والجواب أنّ الحديث المنقول في (٣) (الفقيه) (٤) في خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام صريح في أنّ ما لم يرد فيه نص من (٥) بعض أفراد الشبهة المشار إليها (٦) في تلك الأخبار ، حيث دل على أن الشارع : «سكت عن أشياء ، ولم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها». ومن المعلوم أن ليس السكوت عنها إلّا باعتبار عدم النصّ عليها أمرا أو نهيا ، ثم عقب ذلك بقوله : «حلال بين» إلى آخره.
وأما مقبولة عمر بن حنظلة التي هي منشأ الشبهة عنده (٧) فيما ذكره [فهي] وإن دلّ صدرها باعتبار السؤال عمّا تعارضت فيه الأخبار على ذلك. إلّا إن قوله عليهالسلام : «وإنما الأمور ثلاثة» ـ إلى آخره ـ ممّا يدلّ على العموم ، فهو بمنزلة الضابط الكلّي والقاعدة المطّردة ، كما دل على ذلك غيرها من الأخبار. على أن
__________________
(١) في «ح» : فورود.
(٢) من «ح».
(٣) من «م» : وفي «ح» و «ق» : عن.
(٤) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣.
(٥) في «ح» : عن.
(٦) في «ح» : إليه.
(٧) في «ح» : عندهم.