في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، [مفزعهم] (١) في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم ، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه ، قد أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات؟» (٢).
وعنه عليهالسلام : «من ترك [قول] : (لا أدري) اصيبت (٣) مقاتله» (٤).
وروى البرقي في (المحاسن) بإسناده عن محمد بن الطيار قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : «تخاصم الناس؟». قلت : نعم. قال : «ولا يسألونك عن شيء إلّا قلت فيه شيئا؟». قلت : نعم. قال : «فأين باب الرد إلينا؟» (٥).
أقول : هذه جملة من الأخبار الواردة في هذا المضمار ، ووجه الاستدلال بها أنّ شطرا منها قد دلّ على تثليث الأحكام. ولا ريب أن ما لم يرد فيه نص ليس من الحلال البيّن ، ولا من الحرام البين ، فيتعيّن أن يكون من الثالث. ولو كان العمل بالبراءة الأصلية ثابتا في الشرع لما كان لهذا الفرد وجود في الأحكام ، كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
وشطرا (٦) منها قد دلّ على أنّ بعض الأحكام مما يجب الردّ فيه إليهم عليهمالسلام ، والتوقف (٧) في حكمه ، وهذا مدافع لمقتضى (٨) العمل بالبراءة الأصلية كما لا يخفى.
وشطرا منها قد دل على النهي عن القول بغير علم. ولا شك أن القول بإباحة
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : مفرّهم.
(٢) نهج البلاغة : ١٤٣ ـ ١٤٤ / الخطبة : ٨٨ ، باختلاف يسير.
(٣) في «ح» : اصبت.
(٤) نهج البلاغة : ٦٦٨ / الحكمة : ٨٥.
(٥) المحاسن ١ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ / ٦٨٩ ، وفيه : فأين باب الرد إذن.
(٦) أي وأن شطرا منها ... ، وكذا ما بعدها.
(٧) من «ح» ، وفي «ق» : والوقف.
(٨) في «ح» : مقتضى.