ينفد (١). فإنه دالّ على انعقاد النذر المذكور.
قلت : لا ريب أنه قد علم ـ مما قدّمنا بيانه ـ كون هذا النذر مخالفا للقواعد المقرّرة المشيّدة بالأخبار الصحيحة الصريحة المشتهرة ، وبموجب ذلك يجب طرح ما عارضها من هذه الرواية وغيرها. لكن حيث كانت الرواية صحيحة الإسناد ، متلقّاة بالقبول بين أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ وجب قصر الحكم على موردها من الحكم ، بصحّة النذر المذكور إذا أمكن المخرج من الضرر المترتّب عليه على الوجه المقرّر في الرواية بأن يكون الناذر حيا غير مطالب بحقوق واجبة مالية ، سيما إذا كانت فورية ، فيقوّم أملاكه ويضمن القيمة في ذمته ، ويتصرّف في أملاكه كما كان أولا ، ثم يتصدّق بالقيمة تدريجا.
بل ربما يقال : إن هذه الرواية بالدلالة على ما ندّعيه من بطلان هذا النذر المسؤول عنه هنا أشبه ؛ لأنه لو كان النذر على الوجه المذكور في الرواية صحيحا منعقدا بمجرد إيقاع صيغة النذر كذلك ، لأمر عليهالسلام ذلك الرجل (٢) بالخروج من أملاكه جميعا ، والتصدّق بها ، ولما جاز نقلها إلى الذمّة بالقيمة ؛ إذ مقتضى النذر هو الصدقة بالأعيان ، فتجب الصدقة بها حينئذ. ولكن لما أمر عليهالسلام بنقلها إلى الذمة بالقيمة ، ثم التصدّق بالقيمة حينئذ تدريجا ، على وجه يندفع به الضرر الموجب لبطلان النذر ـ لو لم يكن كذلك ، كما هو مقتضى الأخبار (٣) وكلام الأصحاب (٤) ـ علمنا أنّ ثبوت هذه الأشياء مما له مدخل في الصحة البتّة.
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٥٨ / ٢٣ ، باب النذور ، وسائل الشيعة ٢٣ : ٣١٤ ـ ٣١٥ ، كتاب النذر والعهد ، ب ١٤ ، ح ١.
(٢) ذلك الرجل ، من «ح».
(٣) انظر وسائل الشيعة ٢٣ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، كتاب النذر والعهد ، ب ٨ ، و ٢٣ : ٣٢١ ، كتاب النذر والعهد ب ١٨.
(٤) انظر : شرايع الإسلام ٣ : ١٤٩ ، الدروس ٢ : ١٥٤ ، مسالك الأفهام ١١ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦.