إلى نيّته في فراقها ، ففارقها (١) عقيب العقد الثاني بالطلاق من غير أن يدخل بها ثانية ، أليس قد بانت منه ولا عدّة عليها بنص (القرآن) من قوله تعالى (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) (٢).
فقالوا : نعم. ولا بد لهم من ذلك مع التمسّك بالدين. قال لهم : قد حلّت من وقتها للأزواج ؛ إذ ليس عليها عدّة بنص (القرآن)؟ قالوا : بلى.
قال : فما تقولون لو صنع بها الثاني كصنع الأوّل؟ أليس يكون قد نكحها اثنان في بعض يوم من غير خطر في ذلك على اصولكم في الأحكام؟ فلا بد [من أن يقولوا] بلى.
قال : وكذلك لو نكحها ثالث ورابع إلى أن يتم نكاح عشرة أنفس وأكثر من ذلك إلى آخر النهار ، أليس يكون جائزا حلالا؟ وهذه هي الشناعة التي لا تليق بأهل الإسلام).
قال الشيخ : والموضع الذي لزمت هذه الشناعة فقهاء العامة دون الشيعة الإمامية ، أنهم يجيزون الخلع والطلاق والظهار في الحيض وفي الطهر الذي قد حصل فيه جماع من غير استبانة حمل ، والإمامية تمنع من ذلك ، وتقول : إن هذا أجمع لا يقع بالحاضرة التي تحيض ، إلّا بعد أن تكون طاهرة من الحيض طهرا لم يحصل فيه جماع ، فلذلك (٣) سلمت مما وقع فيه المخالفون.
قال الشيخ ـ أيده الله ـ : قد حيّرت هذه المسألة [العامّة] حتى زعم بعضهم ـ وقد ألزمته [أنا] بمقتضياتها (٤) ـ أن المطلقة بعد الرجعة إليها عن الخلع يلزمها العدة وإن كانت مطلقة من غير دخول بها ، فرد (القرآن) ردّا ظاهرا. فقلت لهذا
__________________
(١) في «ح» : فقاربها.
(٢) الأحزاب : ٤٩.
(٣) في «ح» : فكذلك.
(٤) في «ح» : بمتضمّنها.