القائل : من أين أوجبت عليها العدة وقد طلقها الرجل من غير أن يدخل بها مع نص (القرآن)؟ فقال : لأنه قد دخل بها مرة قبل هذا الطلاق. فقلت له : إن اعتبرت هذا الباب لزمك أن يكون من تزوج امرأة (١) وقد كان طلقها ثلاثا ، فاستحلّت ثم اعتدّت وتزوّجها بعد العدة ، ثم طلّقها قبل أن يدخل بها في الثاني ، أن تكون العدة واجبة عليها ؛ لأنه قد دخل بها مرة ، وهذا خلاف دين الإسلام. فقال : الفرق بينهما أن هذه [التي ذكرت] قد قضت منه عدة ، والاولى لم تقض العدّة. فقلت : أليس قد أسقطت الرجعة لها بعد الخلع العدّة [عنها] (٢) باتفاق؟ قال : بلى. قلت له : فمن أين يرجع عليها ما كان سقط عنها؟ وكيف يصح ذلك في الأحكام الشرعية ، وأنت لا يمكنك أن تلزمها العدة الساقطة عنها [إلّا] بنكاح لا يجب فيه عدة بظاهر (القرآن)؟ وهذا أمر متناقض؟ فلم يأت بشيء) (٣) انتهى كلامه قدسسره في الكتاب المذكور.
أقول : صريح كلام هذين العمدتين ، وكذا ظاهر السيد ـ رضياللهعنه وعنهما ، حيث نقله ولم يتعرّض لإنكاره ولا الطعن فيه ، بل الظاهر أنه المشهور بين أصحابنا ، رضوان الله عليهم ـ هو سقوط العدة عن المختلعة والمطلقة ثلاثا لو عقد عليها الزوج بعد ذلك قبل انقضاء العدة ، ثم طلقها قبل الدخول ، وأنه يجوز لغيره في تلك الحال [التزوّج] (٤) بها ؛ لدخوله تحت عموم الآية المتقدّمة. والذي وقفت (٥) عليه في كلام جملة من متأخري أصحابنا هو المنع (٦) ، وهو الظاهر عندي ؛ نظرا إلى أن العدّة الاولى إنّما سقطت بالنسبة إلى الزوج خاصّة ، وهذا
__________________
(١) في «ح» : امرة.
(٢) ليست في «ح».
(٣) الفصول المختارة من العيون والمحاسن (ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد) ٢ : ١٧٨ ـ ١٨٠ ، باختلاف.
(٤) في النسختين : التزويج.
(٥) في «ح» : وقعت.
(٦) سيأتي التصريح به.