الطلاق الثاني الواقع قبل الدخول وإن لم يترتّب عليه العدة اتفاقا. لكن الكلام في العدة الاولى فإنها واجبة بالنصّ ، آية (١) ، ورواية (٢) ، وبالإجماع. وغاية ما يستفاد سقوطها بالنسبة إلى الزوج ، فإنه يجوز له العقد قبل انقضائها ؛ لعدم وجوب الاستبراء من مائه الّذي هو العلّة في وجوب العدة.
وأمّا غيره فلا ، وطلاقه لها بعد هذا العقد المجرد عن الدخول لا يؤثر في سقوط تلك العدة ، وإنّما يؤثر في مدة هذا الطلاق. والتمسك بظاهر الآية في المقام معارض بما دلّ على وجوب العدّة من الآية والرواية والإجماع ، فيجب تقييدها بذلك. على أن الآية إنّما تدلّ على سقوط العدة بالنسبة إلى هذا الطلاق الأخير الخالي عن الدخول ، وهذا لا نزاع فيه ؛ إذ هذه العدة التي أوجبناها إنّما هي عدة الطلاق الأول ، أو الخلع. والجنوح في سقوطها إلى عقد الزوج عليها إنّما يتم بالنسبة إليه خاصة ، فقول شيخنا المفيد قدسسره : (أليس قد أسقطت الرجعة لها بعد الخلع العدة عنها باتفاق؟) على إطلاقه غير مسلم ؛ إذ الإسقاط إنما وقع في حقّ الزوج خاصة.
ومما حضرني من الأخبار في ذلك مرسلة ابن أبي عمير المروية في (الكافي) قال : «إن الرجل إذا تزوج المرأة متعة كان عليها عدة لغيره ، فإذا أراد هو أن يتزوّجها لم يكن عليها منه عدة ، يتزوجها إذا شاء» (٣).
وأنت خبير بأنه لا فرق في هذا الحكم بين الزوجة الدائمة والمنقطعة ، فإن كلّا منهما يسقط عنها العدة بعد الفراق مع عدم الدخول. وعلى هذا فيجري الإشكال ـ الذي أورده الفضل رحمهالله على العامّة ـ في المتعة ، بمقتضى كلامه ، فإنه لو تزوّج
__________________
(١) الآية : من سورة الطلاق.
(٢) سيأتي التصريح بها.
(٣) الكافي ٥ : ٤٥٩ / ٣ ، باب الزيادة في الأجل.