في الفرد الأول فهو باطل بما أبطلناه به هناك ، وإن وقع في الفرد الثاني فلا بأس به ، إلّا إن حجيته هنا في التحقيق ليس من حيث كونه استصحاب الحالة السابقة ، بل من حيث إن الإنسان إذا خلّي ونفسه كانت ذمّته بريئة عن تعلق التكليف ، سواء كانت التخلية في الزمان السابق ، أم اللاحق.
وثانيها : استصحاب حكم العموم إلى أن يرد مخصّص ، وحكم النصّ إلى أن يرد ناسخ. وهذا مما لا خلاف في حجّيّته والعمل به.
وثالثها : استصحاب حكم ما ثبت شرعا ، كالملك بعد وجود سببه ، وشغل الذمة عند اتلاف او التزام إلى أن يثبت رافعه. هكذا عبّر به الأصحاب عن هذا القسم (١).
والأظهر التعبير عنه باستصحاب إطلاق النص إلى أن يثبت المقيد ؛ فإن مرجع هذا القسم إلى العمل بإطلاق النصّ والاستناد إليه ؛ ولأن التعبير بما ثبت شرعا يوهم الشمول للقسم الآتي. وهذا القسم أيضا ممّا لا إشكال [فيه] بل ولا خلاف في الاستناد إليه ، والعمل في الأحكام عليه ، وفروعه في الأحكام الشرعية أكثر من أن يأتي عليها قلم الإحصاء ، أو تدخل في حيّز الاستقصاء ، فمنها استصحاب الحكم بطهارة شيء أو نجاسته ، واستصحاب الحكم بصحّة الطهارة من الحدث ، واستصحاب الحكم بالحلية في المشتبه الغير المحصور ، واستصحاب الملك بعد وقوع سببه والنكاح ، وما يترتب عليه بعد وقوع عقده ورقيّة العبد ولو بعد فقده ، وكون النهار باقيا والليل باقيا والذمّة مشغولة بعبادة ونحوها ، إلى أن يظهر شيء مما جعله الشارع رافعا لهذه الأحكام.
ورابعها : استصحاب حكم شرعي في موضع طرأت فيه حالة لم يعلم شمول الحكم لها ، بمعنى أنه ثبت حكم في وقت ، ثم يجيء (٢) وقت آخر لا يقوم دليل
__________________
(١) انظر القواعد والفوائد : ١٣٣ / القاعدة : ٣٩.
(٢) في «ح» بعدها : في.