احتج السيد المرتضى رضياللهعنه على عدم جواز العمل به بأن في استصحاب الحال جمعا بين حالتين مختلفتين في حكم من غير دلالة. فإنا إذا كنا أثبتنا الحكم في الحالة الاولى بدليل فالواجب أن ننظر إن (١) كان الدليل. إنّما هو للحالة الاولى فقط ، والثانية عارية عن (٢) الدليل ، فلا يجوز إثبات الحكم لها من غير دليل.
وجرت هذه الحالة مع الخلو من الدليل مجرى الاولى لو (٣) خلت من دلالة ، فإذا لم يجز إثبات الحكم للأولى إلّا بدليل ، فكذلك الثانية.
ثم أورد سؤالا حاصله أن ثبوت الحكم في الحالة الاولى يقتضي استمراره إلّا لمانع ؛ إذ لو لم يجب ذلك لم يعلم استمرار الأحكام في موضع ، وحدوث الحوادث لا يمنع من ذلك.
وأجاب بما ملخّصه : أنه لا بدّ من اعتبار الدليل الدالّ على ثبوت الحكم في الحالة الاولى وكيفية إثباته ، وهل ثبت ذلك في حالة واحدة على سبيل الاستمرار؟ وهل تعلق بشرط مراعى أو لم يعلق؟
قال : (وقد علمنا أن الحكم الثابت (٤) في الحالة الاولى وإنّما ثبت بشرط فقد الماء ، فالماء في الحالة الثانية موجود ، واتّفقت الأمة على ثبوته في الاولى ، واختلفت في الثانية ، فالحالتان مختلفتان) إلى آخر كلامه (٥) ، منحه الله تعالى جزيل إكرامه.
ومنه يعلم وجه الجواب عن الوجهين الأوّلين من أدلّة القائلين بالحجية ، وتوضيحه أن الدليل الدال على الحكم في الحالة الاولى إذا كانت دلالته مقصورة على تلك الحالة على وجه لا عموم فيه بحيث يتناول ما عداها ، فكيف يصح أن
__________________
(١) في «ح» : فإن.
(٢) في «ح» : من.
(٣) في «ح» : ولو.
(٤) في «ح» : ثابت.
(٥) الذريعة إلى اصول الشريعة ٢ : ٨٢٩ ـ ٨٣١.