وحينئذ ، فلو كان الاستصحاب الذي اعتمدوه ومثلوا له بهذا المثال دليلا برأسه لوجب على هذا المصلي ـ بمقتضى ذلك ـ المضيّ في صلاته ، ولزم منه طرح هذه الأخبار. وفيه من البطلان ما لا يحتاج إلى حينئذ البيان.
ورابعها : أن هذا الموضع من المواضع الغير المعلوم حكمه تعالى منه ، وقد تواترت الأخبار (١) في مثله ، بوجوب التوقف والعمل بالاحتياط.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن الذي يظهر من المحدث الأمين الأسترابادي قدسسره في تعليقاته على (المدارك) هو استنباط معنى آخر للاستصحاب قد اختاره وذهب إليه ، واعتمد في جملة من المواضع عليه ، قال : (وهو إجراء الحكم السابق الشرعي أو نفيه ، إجراء ظاهريا ما لم يثبت رافعه ، بمعنى أنه إذا ثبت من الشارع حكم من الأحكام وجب العمل به ، فإذا حصلت شبهة توجب التردد في رفع الحكم وعدمه ، وجب الفحص والبحث عن حكم الله سبحانه الواقعي في ذلك ، فإن حصل عمل على مقتضاه ، وإلّا أجرى الحكم الأوّل إجراء ظاهريّا بمعنى أنه لا يجوز القطع بكونه حكم الله تعالى واقعا ، فإنه بعد عروض الشبهة المذكورة لا يدري أن الله سبحانه يديم الحكم أو لا يديمه ، كما لا يعلم أنه ينسخ الحكم الفلاني بعد ثبوته أو لا ينسخه.
فعند عروض شبهة النسخ يجب الفحص هل النسخ واقع أم لا؟ ومع العجز يجب إجراء الحكم السابق إلى ظهور خلافه. وقد علم من الدين ضرورة انقسام الأحكام إلى ظاهري وواقعي ، واعتبار كل واحد منهما ، وأن مناط أكثر الأحكام في نشأة التكليف هو الأول) انتهى كلامه ، زيد مقامه.
وأنت خبير بأن هذا المعنى الذي ذكره شامل لكل من القسم الثالث والرابع ،
__________________
(١) انظر وسائل الشيعة ٢ : ٢٧٢ ـ ٢٧٤ ، أبواب الحيض ، ب ٢ ، ح ١ ، ٢.