ولا فرق بينه وبين القسم المتنازع فيه إلّا باعتبار أن اولئك القائلين بحجية الاستصحاب يستندون في حجيته إلى ما دل على الحالة الاولى ويجرونه في الحالة الثانية بالاستصحاب ، على حسب ما ورد في الحالة الاولى من غير فرق بين الحالين. وهو قدسسره يجريه كذلك إلّا إنه يفرق في الدلالة بين الحالين : ففي الحال الاولى الحكم (١) عنده قطعي واقعي بناء على ما يختاره ويذهب إليه من إفادة الأدلة للقطع واليقين.
وفي الحالة الثانية بسبب عروض الشبهة ، واحتمال إدامة الله سبحانه الحكم واقعا ؛ وعدم إدامته مع الفحص والعجز عن الدليل في موضع الشبهة ، يحصل الحكم ظاهريا. ثم إنه قدسسره استدلّ على هذا المعنى الذي ذهب إليه بأن العمل على هذه القاعدة مستمر من بدء الإسلام إلى الآن.
قال : (ولو لا ذلك للزم الحرج وعمت الحيرة ؛ لوقوع كثير من الناس في شبهة وجود الرافع مقيسا إلى كثير من الأحكام قديما وحديثا ، مع العجز عن الرجوع إلى صاحب الشريعة في كثير من الأوقات. وكثير من الأقسام المتّفق عليها في الاستصحاب لو تأملت فيه وجدته مبنيّا على ما ذكرنا ؛ إذ شمول النص فيه لجميع الأحوال والأزمان ليس من باب العموم ، بل من باب الإطلاق ، والمطلق لا يدل على أقصى أفراده بشيء من الدلالات الثلاث ؛ لتحقّقه في ضمن أقلها ، والاطلاق مشترك بينه وبين الصور المختلف فيها) انتهى.
وعندي فيما ذكره ـ طاب ثراه ـ نظر من وجوه :
أمّا أولا ، فلأن المفروض في الاستصحاب الذي هو محل النزاع كون محل الدليل هو الحالة الاولى.
__________________
(١) من «ح».