بمجرد العقول الحائرة الفاسدة ، والأوهام البائرة الكاسدة ممّن (١) طبع الشيطان على قلبه ، وأخذ بمجامع عقله ولبه.
ومنها أن يمن على الله تعالى بطاعته مع كونها بإقداره سبحانه وتوفيقه وتمكينه ، وله تعالى المنة فيها وفي غيرها ، وإليه يشير قوله تعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) (٢) الآية.
وعلى هاتين المرتبتين تدل صحيحة علي بن سويد عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته عن العجب الذي يفسد الأعمال ، فقال : «العجب درجات : منها أن يزيّن للعبد سوء عمله ، فيراه حسنا ؛ فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ، ومنها أن يؤمن العبد ، فيمن على الله ، ولله عليه (٣) فيه المن» (٤).
ومنها : استكثار ما يأتي به من الطاعات واستعظامه ، ومنه ما ورد في رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليهالسلام قال : إني عالم عابد. فقال عليهالسلام : «كيف صلاتك؟».
فقال : مثلي يسأل عن صلاته ، وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا؟ فقال : «كيف بكاؤك؟» : فقال : أبكي حتى تجري دموعي. فقال له العالم عليهالسلام : «فإن ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدلّ ، إن المدل لا يصعد من عمله شيء» (٥).
وفي مرسلة أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلام قال : «يدخل المسجد رجلان أحدهما عابد والآخر فاسق ، فيخرجان من المسجد والفاسق صدّيق والعابد فاسق ؛ وذلك أنه يدخل العابد المسجد مدلا بعبادته يدلّ بها ، فتكون فكرته في ذلك ، ويكون فكرة الفاسق في الندم على فسقه ، ويستغفر الله مما صنع من الذنوب» (٦).
وفي صحيح أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «قال
__________________
(١) في «ح» : عن.
(٢) الحجرات : ١٧.
(٣) من المصدر.
(٤) الكافي : ٢ : ٣١٣ / ٣ ، باب العجب.
(٥) الكافي ٢ : ٣١٣ / ٥ ، باب العجب.
(٦) الكافي ٢ : ٣١٤ / ٦ ، باب العجب.