الله تعالى : إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي ، فيقوم من رقاده ولذيذ وساده ، فيجتهد في الليالي ، فيتعب نفسه في عبادتي ، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له ، وإبقاء عليه ، فينام [حتى] (١) يصبح ، فيقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها. ولو اخلّي بينه وبين ما يريد من عبادتي ، لدخله العجب من ذلك ، فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله ، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه ؛ لعجبه بأعماله ، ورضاه عن نفسه ، حتى يظن أنه قد (٢) فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير ، فيتباعد بذلك عني ، وهو يظن أنه يتقرب إليّ (٣)» الحديث (٤).
ولا ريب أن العجب بالمعنيين الأوّلين مفسد للعمل ، بل ربما كان نوعا من الكفر مع الاعتقاد الجازم.
أما بالنسبة إلى الأول ، فإن اعتقاد سوء العمل حسنا مع دلالة (الكتاب) والسنّة على قبحه إبداع في الدين وإن غفل عنه صاحبه اعتمادا على مجرد عقله ، وانهماكه فيه تبعا لدواعي نفسه الأمّارة. ويرشد إلى ذلك ظاهر الآيتين خصوصا الثانية ، حيث دلت بأبلغ وجه على أنهم الأخسرون أعمالا ، معقّبا بقوله (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (٥).
ومن هنا يعلم صحة ما ذكرنا من دخول أصحاب المقالات المبتدعة والأهواء المخترعة ، ويؤيده ما رواه الثقة الجليل علي بن ابراهيم القمي قدسسره في تفسيره عن الباقر عليهالسلام في قوله سبحانه (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) (٦) : «إنهم
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : فيقوم حين.
(٢) من «ح» والمصدر.
(٣) ليست في «ح».
(٤) الكافي ٢ : ٦٠ ـ ٦١ / ٤ باب الرضا بالقضاء ، وسائل الشيعة ١ : ٩٨ ـ ٩٩ ، أبواب مقدمة العبادات ، ب ٢٣ ، ح ١.
(٥) الكهف : ١٠٥.
(٦) الكهف : ١٠٣.