النصارى ، والقسيسون ، والرهبان ، وأهل الشبهات ، والأهواء من أهل القبلة ، والحرورية ، وأهل البدع» (١).
وأما بالنسبة إلى الثاني ، فلأن الاعتقاد بأن له المنة على الله تعالى بشيء من الأعمال لا ينشأ من قلب مؤمن عارف بالله سبحانه أدنى معرفة ؛ لأن من أدناها معرفة أنه الخالق الرازق ، وهما يستغرقان جميع النعم اصولا وفروعا ، بل إنّما ينشأ من كافر مكذب ل (القرآن) لقوله سبحانه (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (٢) أو من مبدع مفوض يعتقد أن الله سبحانه لا يقدر على سلب قدرة العبد على الفعل وقت الفعل ، وإن كان هو الذي خوّله [إياها] (٣) أولا.
وقد عرفت كفر أصحاب البدع مما سبق في الآية المتقدمة ، بل استظهر بعض مشايخنا المحققين من متأخّري المتأخّرين أن مطلق تجويز الخلاف فيما علم بدليل قطعي من كتاب أو سنة كفر وإبداع ؛ لأنه لا يتم إلّا باخراج الدليل عن كونه دليلا وهو (٤) معنى التكذيب به ، والتكذيب به تكذيب الرسل أو المرسل (٥) انتهى ، وهو حسن.
وأما العجب بالمعنى الثالث ، فالظاهر أنه لا يخلو عن إجمال.
ووجه التفصيل فيه أنه إن كان استكثار ما يأتي به من الطاعة ، واستعظامه بالنسبة إلى ما يستحقه سبحانه من الطاعة ، أو ما لله سبحانه عليه من النعم ، فهو راجع في التحقيق إلى المعنى الثاني ؛ إذ يلزم منه أن طاعته حينئذ زائدة على مستحقه تعالى ، فيكون منّة منه على الله تعالى. ولا ريب أنه بذلك يمتنع القصد إليها من حيث كونها طاعة له سبحانه مستحقة ، وأنه أهلها.
__________________
(١) تفسير القمّي ٢ : ٤٤.
(٢) النحل : ٥٣.
(٣) في النسختين : إياه.
(٤) ليست في «ح».
(٥) في «ح» : المرسل أو الرسل.