وإن كان استكثار ذلك في مقابلة معاصيه ، بمعنى أنه يعتقد أن طاعاته زائدة على معاصيه ، أعم من أن يكون ذلك مطابقا للواقع كما ربما يتخيل أولا كما هو المحقق الواقع ، فالظاهر (١) كما اختاره بعض محققي مشايخنا من متأخري المتأخرين أن ذلك لا يقتضي كفرا ولا إبداعا ، بل ولا فساد عمل وإن كان خطأ في الاعتقاد ، ونقصا في كمال الايمان ؛ لكونه الذنب الذي إذا أذنبه الإنسان استحوذ عليه الشيطان.
قال : ويرشد إلى كونه خطأ في الاعتقاد موثقة الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليهالسلام قال : قال لي : «أكثر من أن تقول (٢) : لا تجعلني من المعارين ، ولا تخرجني من التقصير». قال : قلت : أما المعارون فقد عرفت ، فما معنى «لا تخرجني من التقصير»؟ قال : «كل عمل تعمله تريد به وجه الله ، فكن فيه مقصرا عند نفسك ، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون» (٣).
وإلى كونه نقصا في كمال الإيمان ، لكونه ذنبا ، مرسلة يونس عن بعض أصحابنا عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بينما موسى عليهالسلام جالس إذ أقبل إبليس ، وعليه برنس ذو ألوان ، فلما دنا من موسى عليهالسلام سلم عليه».
إلى أن قال : «قال له موسى عليهالسلام : أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ فقال : إذا أعجبته نفسه ، واستكثر عمله ، وصغر في عينه ذنبه.
وقال : قال الله عزوجل لداود : يا داود بشر المذنبين ، وأنذر الصديقين. قال : كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين؟ قال : يا داود ، بشر المذنبين أني أقبل التوبة ، وأعفو عن
__________________
(١) في النسختين : والظاهر.
(٢) في «ح» : قول ، بدل : أن تقول.
(٣) الكافي ٢ : ٧٣ / ٤ ، باب الاعتراف بالتقصير ، وسائل الشيعة ١ : ٩٦ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٢٢ ، ح ٢.