وهكذا مع قطع النظر عن أن يرى نفسه بذلك خارجا عن حد التقصير ، فالظاهر أنه بهذا المعنى لا يكون محرّما ولا مهلكا فضلا عن أن يكون مبطلا وإن أخطأ في ظنه.
نعم ، ربما كان ذلك سبيلا إلى الوقوع في سابق هذه المرتبة من العجب الذي يرى به نفسه خارجا عن حد التقصير ، وربما خطر هذا الخاطر للمعصومين عليهمالسلام كما ورد في رواية خالد الصيقل عن أبى جعفر عليهالسلام قال : «إن الله فوض الأمر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات وسبع أرضين ، فلما رأى أن الأشياء قد انقادت إليه قال : من (١) مثلي؟ فأرسل الله إليه نويرة من النار». قلت : وما النويرة؟ قال : «نار مثل الأنملة ، فاستقبلها بجميع ما خلق ، فتخللت حتى وصلت إلى نفسه لمّا دخله العجب» (٢).
ومنه ما روى عن الرضا عليهالسلام في قضية تسوّر الملكين المحراب (٣) على داود عليهالسلام (٤) وتخاصمهما عنده ، حيث «ظن أن ما خلق الله عزوجل أعلم منه ، فبعث إليه الملكين ... فعجل داود على المدّعى عليه ، فقال (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) (٥) ، ولم يسأل المدّعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه فيقول له :ما تقول؟» (٦).
وما روى أيضا في شأن موسى عليهالسلام في قضية أمره باتباع الخضر عليهالسلام من أنه «قال في نفسه : ما خلق الله خلقا أعلم مني. فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل أن أدرك
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) المحاسن ١ : ٢١٤ / ٣٩١ ، وسائل الشيعة ١ : ١٠٢ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٢٣ ، ح ١١.
(٣) في النسختين : على المحراب.
(٤) قوله : على داود عليهالسلام ، ليس في «ح».
(٥) ص : ٢٤.
(٦) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٤ / ب ١٤ ، ح ١.