موسى فقد هلك ، وأعلمه أن عند ملتقى البحرين رجلا أعلم منك ، فصر إليه وتعلّم من علمه ، فنزل جبرئيل على موسى وأخبره ، وذل موسى في نفسه ، وعلم أنه أخطأ ودخله الرعب» (١).
وفي آخر أيضا : «فبينا موسى عليهالسلام قاعد في ملأ من بني اسرائيل ؛ إذ قال له رجل : ما أرى أحدا أعلم بالله منك! قال موسى : ما أرى ، فأوحى الله إليه : بل عبدى الخضر» (٢) الحديث.
وفي وقوعه من هؤلاء الثابتة عصمتهم بالدليل العقلي والنقلي دلالة على عدم التحريم ، وأنه ليس بذنب وإن سمّي بالنسبة إليهم هلاكا كما في الحديث الأول من حديث موسى ، أو استوجب مؤاخذة ، كما في حديث الملك. فإن المستفاد من الأخبار المأثورة والأدعية المشهورة أن المعصومين ـ صلوات الله عليهم ـ ربما عدّوا المباحات ذنوبا بالنسبة إليهم ، كما حقّق في محل آخر. وقد قيل : إن (حسنات الأبرار سيئات المقربين) (٣).
بقي هنا شيئان :
أحدهما : أنه قد ورد في رواية يونس بن عمار عن الصادق عليهالسلام قال : قيل له ـ وأنا حاضر : الرجل يكون في صلاته خاليا ، فيدخله العجب؟ فقال : «إذا كان أول صلاته يريد بها ربّه ، فلا يضره ما دخله بعد ذلك ، فليمض في صلاته وليخسأ الشيطان» (٤) ، فإنه ربما أشعر بأن العجب المنافي للإخلاص إنّما هو الواقع في
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٣٦ ، باختلاف يسير.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٣٦٠ / ٤٨ ، باختلاف يسير.
(٣) انظر كشف الخفاء ١ : ٣٥٧ / ١١٣٧ ، وقد نسبه ـ عن ابن عساكر ـ لأبي سعيد الخراز ، ونسبه ـ عن الزركشي ـ للجنيد.
(٤) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٣ ، باب من حافظ على صلاته أو ضيعها ، وسائل الشيعة ١ : ١٠٧ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٢٥ ، ح ٣.