والشيخ قدسسره بعد أن نقل هذا الحديث في المنافي حمل الآية المحللة على آية الملك (١) ، والآية المحرّمة على آية الوطء (٢) ، قال : (ولا تنافي بين الآيتين ، ولا بين القولين ، وحمل نهي نفسه عليهالسلام وولده ، إما على التحريم وأراد به : الوطء ، أو على الكراهة وأراد به : الجمع في الملك) (٣) ؛ لأنه صرح قبل هذا الحديث بكراهة الجمع في الملك (٤) ، ثم قال : (ويمكن أن يكون قوله عليهالسلام : «أحلتها آية» أي عموم آية ، وظاهرها يقتضي ذلك ، وكذلك قوله : «وحرمتها آية» اخرى ، أي عموم الآية يقتضي ذلك ، إلّا إنه إذا تقابل العمومان على هذا الوجه ينبغي أن يخصّ أحدهما بالآخر. ثم بين بقوله : «أنا أنهي نفسي وولدي» ما يقتضي تخصيص إحدى الآيتين وتبقية الاخرى على عمومها.
وقد روي هذا الوجه ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، روى ذلك علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد وأحمد ابني الحسن ، عن أبيهما ، عن ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى بن بسام) (٥) ، وساق الرواية المتقدمة إلى آخرها.
أقول : لا يخفى أن الوجه الثاني هو الأقرب ؛ لأن ظاهر الحديث أن مورد الحلّ والحرمة أمر واحد ، وليس إلّا الوطء خاصة ؛ إلّا إن إحدى (٦) الآيتين في الملك والاخرى في الوطء. على أن ما ادّعاه قدسسره من كراهية الجمع في الملك غير ثابت ؛ لما سنشير إليه إن شاء الله تعالى. وحينئذ ، فالآية المحللة فيما قلناه هي قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (٧)
__________________
(١) الآية : ٥ ـ ٦ من سورة (المؤمنون).
(٢) الآية : ٢٣ من سورة النساء.
(٣) تهذيب الأحكام ٧ : ٢٨٩ / ذيل الحديث : ١٢١٥.
(٤) تهذيب الأحكام ٧ : ٢٨٩ / ذيل الحديث : ١٢١٤.
(٥) تهذيب الأحكام ٧ : ٤٦٣ / ١٨٥٦ ، الاستبصار ٣ : ١٧٣ / ٦٢٩ ، وسائل الشيعة ٢٠ : ٣٩٧ ، أبواب ما يحرم بالرضا ، ب ٨ ، ح ٨.
(٦) في «ح» : لأن احدا ، بدل : إلّا إن إحدى.
(٧) المؤمنون : ٥ ـ ٦.