وبالجملة ، فما ذكره ـ طاب ثراه ـ في هذا المقام بناء على قواعد المتصوفة والفلاسفة وفسّر به أخبار أهل الذكر عليهمالسلام كلام مختل النظام ، منحل الزمام ، كما لا يخفى على المنصف من ذوي الأفهام. وهؤلاء ـ لو لعهم باصول الفلاسفة والحكماء التي جرت عليها الصوفية ـ يزعمون تطبيق أخبار أهل البيت عليهمالسلام عليها ، كما وقع من هذا المحدّث في غير موضع من كتبه ، وهو جمع بين النقيضين وتأليف بين المتباغضين ، ومن أين إلى أين؟
وثالثها : ما ذكره شيخنا البهائي ـ عطر الله مرقده ـ في كتاب (الأربعون) من (أن في الكلام إضمارا ، والتقدير : لو جاز علي التردّد : ما تردّدت في شيء كتردّدي في وفاة المؤمن) (١).
وتنظّر فيه بعض مشايخنا (٢) بما فيه من الإضمار مع المندوحة عنه.
ورابعها : ما ذكره أيضا في كتاب (الأربعون) من أنه لما جرت العادة بأن يتردّد الشخص في مساءة من يحترمه ويوقره ، كالصديق الوفي والخلّ الصفي ، وألّا يتردّد في مساءة من ليس له عنده قدر ولا حرمة ، كالعدو والحية والعقرب ، بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردّد ولا تأمّل ، صحّ أن يعبّر بالتأمّل والتردّد في مساءة الشخص عن توقيره واحترامه ، وبعدمهما عن إذلاله واحتقاره. فقوله سبحانه : «ما ترددت في شيء ... كترددي في وفاة المؤمن» المراد به ـ والله أعلم ـ : ليس لشيء من مخلوقاتي عندي قدر حرمة كقدر عبدي المؤمن وحرمته ، فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية) (٣).
__________________
(١) الأربعون حديثا : ٤١٧ / شرح الحديث : ٣٥ ، عنه في شرح الكافي (المازندراني) ٩ :١٨٢.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) الأربعون حديثا : ٤١٧ / شرح الحديث : ٣٥.