شيء أنا فاعله كتردّدي» ـ الحديث ـ إلى أن أفعاله جل شأنه ليس فيها تردد ، بمعنى أن يفعله الحال ، أو سيفعل الملزوم للتراخي في الفعل ، مثل هذا الفعل الذي هو قبض روح عبده المؤمن ، فإن فيه التراخي ، وليس مثل سائر الافعال التي كان حصولها (١) بمجرد أمر (كن) ، فكأن هذا الفعل مستثنى من سائر الأفعال ، أي ليس في كل أفعاله تردّد ملزوم للتراخي في الفعل إلّا في قبض روح عبدي المؤمن ، إذ فيه التراخي ، فقد ذكر الملزوم وأراد اللازم.
ومعنى التشبيه راجع إلى الاستثناء ، فقد شبه عدم التراخي في الأفعال بالتراخي في (٢) قبض روح عبده المؤمن ، وليس المعنى أن التراخي في سائر الأفعال ليس مثل هذا التراخي ، بل التراخي فيه أقوى.
وعلل جلّ شأنه التراخي في قبض روح عبده المؤمن بكراهة الموت وكراهته تعالى مساءته بحصول موته دفعة.
ويؤيد ما ذكرناه ما رواه شيخنا الطوسي في أماليه بإسناده عن الحسن بن ضوء عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال علي بن الحسين عليهالسلام : قال الله عزوجل : ما من شيء أتردّد عنده (٣) [مثل] تردّدي عند قبض روح المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ، فإذا حضر أجله الذي لا [تأخير] (٤) فيه بعثت إليه ريحانتين من الجنة ؛ تسمى أحدهما المسخية ، والاخرى المنسية ، فأما المسخية فتسخيه من ماله ، وأما المنسية فتنسيه أمر الدنيا» (٥) فتأمل. انتهى.
أقول : ظاهر الحديث أن له سبحانه ترددا في سائر أفعاله ، ولكنه سبحانه لا يبلغ تردّده في قبض روح عبده المؤمن ؛ لما ذكره تعالى من كراهة عبده
__________________
(١) في «ح» بعدها : آنيا.
(٢) الأفعال بالتراخي في ، سقط في «ح».
(٣) في المصدر : فيه.
(٤) من المصدر ، وفي النسختين : تأخر.
(٥) الأمالي : ٤١٤ / ٩٣٢.