المؤمن للموت ، وكراهته سبحانه لإساءته. وبناء على ما ذكره هذا المجيب المذكور ، أنه لا تردّد له في شيء من أفعاله إلّا في هذا الفرد ، وهو خلاف ظاهر الخبر كما ترى. وقوله : (ومعنى التشبيه راجع إلى الاستثناء ، فقد شبه عدم التراخي في الأفعال بالتراخي في قبض روح عبده المؤمن) غير ظاهر ؛ لعدم الجامع بين المشبه والمشبه به في المقام. وحينئذ ، فالمنفي في قوله : «ما ترددت» إنما تعلق بالقيد ، أعني التشبيه لا المقيد خاصة. ألا ترى أن المتبادر من قول القائل : ما أكرمت أحدا مثل إكرامي لزيد ، هو أن المنفي إنما هو الإكرام المشبه به ، يعني ما أكرمت أحدا إكراما زائدا ، مثل إكرام زيد؟ فهو يقتضي حصول الإكرام منه لغير زيد ، لكن لا كإكرامه لزيد.
وبالجملة ، فإني لا أعرف لما ذكره وجه صحة ، فقوله : (وليس المعنى) ـ إلى آخره ـ ليس في محله ، بل هو المعنى المتبادر من اللفظ.
وعاشرها : ما ذكره بعض علماء العامّة ، وهو : (أن (تردّدت) في اللغة ، بمعنى : (رددت) مثل قولهم : (ذكرت وتذكرت) ، و (دبرت وتدبرت) ، فكأنه يقول : ما رددت ملائكتي ورسلي في أمر حكمت بفعله [مثل] ما رددتهم في قبض روح عبدي المؤمن ، فأردّدهم في إعلامي بقبضي له وتبشيره بلقائي ، وما أعددت له عندي ، كما رددت ملك الموت إلى إبراهيم وموسى عليهماالسلام في القضيتين المشهورتين إلى أن اختارا الموت فقبضهما. كذلك خواص المؤمنين من الأولياء يردّدهم إليهم ؛ ليصلوا إلى الموت ، ويحبوا لقاء المولى) (١) انتهى.
وحادي عشرها : ما ذكره بعض علمائهم أيضا ، وهو (أن المعنى : ما رددت الأعلال والأمراض ، والبر واللطف والرفق ، حتّى يرى بالبر عطفي وكرمي ، فيميل
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٦٤ : ١٥٦ / ذيل الحديث : ١٥ ، شرح الكافي (المازندراني) ٩ : ١٨٣.