إبصار المبصرات وهكذا. وهكذا قول الناس المعروف بينهم : (فلان نور عيني) و : (نور بصري) و : (يدي وعضدي) ، وإنما يريدون التشبيه في معنى من المعاني المناسبة للمقام ، ويسمون هذا تشبيها بليغا بحذف الأداة ، مثل (زيد أسد). ويمكن أن يكون فيه تنبيه على أنه عزوجل هو المطلوب لهذا العبد المحبوب عند سمعه المسموعات وبصره المبصرات وهكذا ، يعني منّي يسمع المسموعات وبها يرجع إليّ ، والمقصود أنه يبتدئ بي في سماع المسموعات ، وينتهي إلي فلا يصرف شيئا من جوارحه فيما ليس فيه رضاي. وإليه أشار بعض الأولياء بقوله : ما رأيت شيئا وإلّا ورأيت الله قبله) (١) انتهى.
ومنها ما نقل من المحدث الكاشاني في بعض تعليقاته حيث قال : (والذي يخطر ببالي (٢) القاصر أن معنى «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها» إلى آخره : أن العبد إذا ائتمر بالأوامر وانزجر بالنواهي ، كان بمنزلة من لا يسمع شيئا إلّا ما أمر ربه بالسماع ، ولا يبصر ببصره شيئا إلّا ما أمر ربه بالرؤية ، ولا تأخذ يده شيئا إلّا ما أمر ربه بالأخذ ، فكان العبد كالشخص المقرب عند ملك عظيم الشأن يكون فعله فعل الملك من غاية قربه وإطاعته ، والله عزّ شانه منزه عن السمع والبصر واليد والحلول والاتحاد تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فإذا كان العبد راسخا في الإطاعة لله سبحانه يكون سمع العبد كأنه (٣) سمع الله ، وما رأى كأنه رؤية الله ، وما بطش كأنه بطش الله لغاية امتثاله وانزجاره ، فمثله كمثل الملك يأمر بضرب أحد وإهانته ، أو إعطاء أحد وكرامته ، والذي يضرب ويهين غير الملك ، وكذا من يعطي ويكرم غيره.
ويقال في العرف : إن الملك ضرب فلانا وأهانه ، وأعطى فلانا وأكرمه ، فكأن
__________________
(١) شرح الكافي (المازندراني) ٩ : ٤٠٠.
(٢) في «ح» : بالبال.
(٣) من «ح».