«ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه» (١) ، وأنه قال حين ضربه ابن ملجم (٢) لعنه الله : «فزت ورب الكعبة» (٣).
وقد أجاب عنه شيخنا الشهيد في (الذكرى) فقال : (إن حب لقاء الله غير مقيد بوقت ، فيحمل على حال الاحتضار ومعاينته ما يحب (٤) كما روينا عن الصادق عليهالسلام ، ورووه في الصحاح (٥) عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه». قيل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إنا نكره الموت.
فقال : «ليس ذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، فليس شيء أحب إليه مما أمامه. فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، كره لقاء الله فكره الله لقاءه» (٦) (٧) انتهى.
وقد يقال : إن الموت ليس نفس لقاء الله ، فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا يستلزم كراهة لقاء الله ، وهذا ظاهر. وأيضا فحب الله سبحانه ، يوجب الاستعداد التام للقائه وكثرة الأعمال الصالحة ، وهو يستلزم كراهة الموت القاطع لها) (٨) انتهى كلام شيخنا المذكور ، توجّه الله تعالى بتاج من النور.
أقول : ويمكن أيضا أن يقال : إن كراهة المؤمن الموت إنما هو من حيث خوف المؤاخذة بما صدر منه من الذنوب والمعاصي ، كما يشعر به بعض الأخبار ، وهو لا ينافي حب لقاء الله من حيث إنه لقاؤه. ولهذا أن المعصومين الذين لم يقارفوا
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣٤ / الخطبة : ٥.
(٢) في «ح» : بعدها : ملتجم بلجام أهل جهنم.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٥٧.
(٤) في «ح» : بالحب.
(٥) سنن الدارمي ٢ : ٣١٢ ، باب في حب لقاء الله ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٢٥ / ٤٢٦٤.
(٦) الكافي ٣ : ١٣٤ / ١٢ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، معاني الأخبار : ٢٣٦ / ١ ، باب معنى ما روي أن من أحب لقاء الله ...
(٧) ذكرى الشيعة ١ : ٣٨٩.
(٨) الأربعون حديثا : ٤١٧ ـ ٤١٨ / شرح الحديث : ٣٥ ، باختلاف يسير.