الذنوب ولم يتدنسوا بالعيوب يشتاقون إلى الموت ويفرحون به ؛ لما يعلمونه يقينا من علوّ المنزلة لهم والدرجات ، والتنعّم بنعيم الجنّات ، والسلامة من سجن الدنيا المملوءة بالآفات والمخافات ، كما نقله قدسسره عن الأمير ـ صلوات الله عليه ـ من الخبرين المتقدّمين. ومثلهما ما روي عنه عليهالسلام أنه قال لابنه الحسن عليهالسلام : «يا بني ، لا يبالي أبوك أعلى الموت وقع أو وقع الموت عليه» (١).
ومن ثم إن اليهود لما ادّعوا أنهم أحباء الله خاطبهم بقوله (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢) فإن الحبيب (٣) يتمنى لقاء حبيبه ويفرح به. فعلى هذا يفرق في هذا المقام بين المعصومين ومن الحق بهم ، وبين غيرهم من الأنام.
وبالجملة ، فكراهة المؤمن الموت (٤) من حيث ذلك لا ينافي حب لقاء الله من حيث إنه لقاؤه (٥) ، والله العالم.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٣٦.
(٢) البقرة : ٩٤.
(٣) في «ح» : المحب.
(٤) ليست في «ح».
(٥) وهو ما رواه شيخنا الصدوق رحمهالله (١) بسنده إلى العسكري عليهالسلام (٢) قال : قال الإمام عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقّن الوصول إلى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت ...» الحديث.
ثم ساق الحديث بما يدلّ على بشارة ملك الموت له ، وأنه يريد منزله المعدّ له في الجنّة ، ويرى النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام. منه رحمهالله ، (هامش «ح»)
__________________
١ ـ لم نعثر عليه في كتبه ، حتى إن المجلسي قدسسره ينقله في عدة مواضع عن (تفسير العسكري) مباشرة دون أن يذكر واحدا من كتب الصدوق. انظر بحار الأنوار ٦ : ١٧٤ / ٢ ، و ٢٤ :٢٦ / ٤ ، ٦٨ : ٣٦٦ / ١٣.
٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٣٩ / ١١٧.