في هذا المجال ، والإشكال فيما اورد من الاستدلال المحوج إلى ارتكاب جادة التأويل والاحتمال إنما يجري على تقدير كون الثواب منه تعالى ، والجزاء على الأعمال استحقاقيّا للعبد ، كما هو ظاهر المشهور بين أصحابنا ، رضوان الله عليهم. بمعنى أن العبد يستحق منه سبحانه ثواب ما عمله من العبادة ، لكن هل يترتب ذلك على مجرد الصحة كما هو القول المشهور وإن تفاوت قلة وكثرة باعتبار الإقبال وعدمه والتقوى مثلا [وعدمهما] (١) ، أو لا يترتب إلّا على ما اقترن بالإقبال والتقوى مثلا ونحوهما كما هو القول الآخر لا على تقدير كونه تفضلا منه سبحانه كما هو ظاهر جمع منهم أيضا؟ فإنه على هذا (٢) القول يضمحل الإشكال ، ويزول عن وجوه تلك الأدلة غبار الاختلال ، ولا يحتاج إلى ارتكاب التأويل فيها والاحتمال.
وحينئذ ، فما ورد من أن صلاة شارب الخمر لا تقبل أربعين يوما يعني : لا يكون أهلا للتفضل منه سبحانه عليه بالثواب ضمن هذه المدة ، وكذا من لم يقبل على عبادته كلّا أو بعضا ؛ فإنه لا يكون أهلا للتفضل فيما أخلّ فيه بالإقبال.
ومثلهما عبادة غير المتقي.
ويتوجه حينئذ صحة الدعاء بالقبول بعد الفراغ من العبادة ؛ فإنه لما كان القبول والجزاء بالثواب غير واجب عليه سبحانه ، بل إن شاء أعطى وإن شاء منع ، حسن الدعاء منه بالقبول ، وحصول الثواب ، واتّجه التبتّل إليه والرغبة في هذا الباب.
وعلى هذا القول يدلّ كثير من أدعية (الصحيفة السجادية) ـ على من وردت عنه أفضل صلاة وتحية ـ منها : قوله عليهالسلام في دعاء الاعتراف وطلب التوبة : «إذ جميع
__________________
(١) في النسختين : عدمه.
(٢) سقط في «ح».