الأخبار والأدعية المأثورة عنهم عليهمالسلام أن الإحسان الدنيويّ والاخرويّ وسائر المثوبات كلها تفضل منه تعالى.
نعم ، قد تفضل سبحانه بأن جعل شيئا من الثواب في مقابلة الأعمال ، ولو كافأنا حقيقة لذهبت أعمالنا كلّها بالصغرى من أياديه (١). روي أن عابدا من بني إسرائيل عبد الله تعالى خمسمائة سنة صائما قائما ، وقد أنبت الله له شجرة رمان على باب الغار يأكل منها كل يوم رمانة واحدة. فإذا كان يوم القيامة وضعت تلك العبادة كلّها في كفة من الميزان ، ووضعت في الكفة الاخرى رمانة واحدة فترجح تلك الرمانة على سائر تلك الأعمال.
ولو لم يكن في استظهار هذا الكلام إلّا مكافأته الحسنة بعشر أمثالها ، لكفى في صحته ما ادعيناه) انتهى كلامه ، علا في الفردوس مقامه.
وحينئذ ، فغاية ما توجبه العبادات إذا خلت من المبطلات هو سقوط القضاء والمؤاخذة عن فاعلها ، وهو معنى الصحة والإجزاء فيها. وأما القبول بمعنى ترتب الثواب عليها ، فهو تفضل منه سبحانه ، إلّا إنه ـ بمقتضى تلك الأدلّة التي استند إليها ذلك القائل ـ قد ناط سبحانه التفضل ببعض الشروط ، مثل الإقبال ، والتقوى ، وترك شرب الخمر ، ونحو ذلك مما وردت به الأخبار. وظني أن تلك الأخبار إنما خرجت عنهم عليهمالسلام ، بناء على هذا القول المذكور ، وإلّا فلو كان الثواب أو القبول استحقاقيا كما هو القول المشهور للزم الإشكال فيها والمحذور ، واحتيج إلى التأويل فيها كما عليه الجمهور ؛ لمعارضتها بما ذكرنا من الأدلة الواضحة الظهور.
هذا وما ذكره علم الهدى (٢) قدسسره من القول بصحّة عبادة المرائي وإسقاطها القضاء ، وإن كانت غير مقبولة بناء على الفرق بين الصحة والقبول كما نقله عنه جمع من
__________________
(١) كذا في جميع النسخ.
(٢) الانتصار : ١٠٠ / المسألة : ٩.