واحدة بالنسبة إليك ، وهو راجع إلى المعنى الثالث من معاني الواحد المتقدّمة.
أقول : والتحقيق أن الكلام هنا مبني على عدم دخول الواحد في الأعداد وإن تركبت منه كما هو أصح القولين ، وإليه جنح شيخنا البهائي قدسسره في (الزبدة) حيث قال : (والحق أنه ليس بعدد وإن تألفت منه الأعداد).
ويدل عليه أيضا ما رواه الصدوق رحمهالله في (التوحيد) عن الباقر عليهالسلام حيث قال : «والأحد والواحد بمعنى واحد وهو المتفرّد الذي لا نظير له. والتوحيد : الإقرار بالوحدة وهو الانفراد. والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء. ومن ثمّ قالوا : إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد ؛ لأن العدد لا يقع على الواحد ، بل يقع على الاثنين» (١) الحديث.
وحينئذ ، فالواحد إذا لم يكن له ثان ليس بداخل في العدد. وبهذا المعنى يكون مخصوصا به سبحانه ؛ لأن ما سواه فله ثان يندرج معه تحت كلّيّ ، ويشير إليه قوله عليهالسلام في خبر الأعرابي : «لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد».
وحاصل المعنى حينئذ : أن الوحدة المنسوبة إليها الأعداد باعتبار تركبها منها ـ وهي ليست منها ـ حقيقة مخصوصة بالإطلاق عليك ، فلا تطلق على غيرك ، فهو سبحانه متفرّد بالوحدانية لذاته ، بمعنى أن الوحدانية مقتضى ذاته كما يشير إليه قوله عليهالسلام : «ولا يتحدّد بشيء» ، أي ليس اتّصافه بالوحدة من جهة أمر آخر وراء ذاته.
وأما غيره ، فثبوت الوحدة له لا من حيث الذات ، بل من حيث الانفراد عن المماثل له من أبناء النوع والجنس ، كما هو المفهوم المتعارف من معنى انفراد الناس بعضا عن بعض ممن عادته مشاركته في محادثاته ومحاوراته وسائر
__________________
(١) التوحيد : ٩٠ / ٢.