من خلقه ، محيط بما خلق علما وقدرة وسلطانا وملكا وإحاطة (١). وليس علمه بما في الأرض بأقل من علمه بما في السماء (٢) ، ولا يبعد منه شيء ، والأشياء له سواء ، علما وقدرة وسلطانا وملكا وإحاطة (٣)» (٤).
وحينئذ تبيّن لك أنه ليس معنى (إِلّا هُوَ رابِعُهُمْ) : أنه (٥) رابع الثلاثة بالعدد ، ومصيرها أربعة بضم الواحد العددي الذي هو نفسه إليها كما هو المعتبر في مرتبة الأعداد ، والمتوهم هنا في بادئ الرأي. وبذلك يتّضح وجه الفرق بين هذه الآية وبين قوله سبحانه (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٦) ـ الآية ـ فإن هذه الآية صريحة في كون الثالث المضاف إلى الثلاثة من جنسها ، وأنه واحد من أعدادها ، بمعنى : أنهم قالوا بآلهة ثلاثة ، وأن الله ثالثهم ، بخلاف قولك : رابع الثلاثة فإنه لا يدلّ صريحا على أنه من جنس الثلاثة وفي أعدادها ؛ فإن رابع الثلاثة قد لا يكون من جنس الثلاثة ولا في أعدادها كما في قوله سبحانه (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٧).
فإذا لم يلزم أن يكون من جنسها جاز أن يكون فيه على نحو آخر ، بأن يكون المعنى باعتبار إحاطته علما بما اشتركوا فيه من الجهة الجامعة. فلو قيل في تلك الآية أيضا : ثالث اثنين مكان قولهم : (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ، لم يلزم كفرهم ؛ لقبول الاحتمال بما ذكرناه ، وعدم الصراحة فيما يؤدي إلى الكفر ، والله تعالى أعلم.
__________________
(١) في المصدر : علما وقدرة وإحاطة وسلطانا وملكا ، وكذا في «ح» غير أنه ليس فيها :وملكا.
(٢) في المصدر : باقل مما في السماء ، بدل : بأقل من علمه بما في السماء.
(٣) وليس علمه ... ملكا وإحاطة ، من «ح» والمصدر.
(٤) التوحيد : ١٣٣ / ١٥.
(٥) رابعهم أنه ، سقط في «ح».
(٦) المائدة : ٧٣.
(٧) الكهف : ٢٢.