هذا النحو قال الله تبارك وتعالى (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) (١) الآية) (٢).
وثانيهما ـ وهو الأظهر ؛ فإن ما ذكره شيخنا الصدوق رحمهالله لا يخلو من خدش ـ : ما ورد في صحيحة عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليهالسلام في تفسير الآية المذكورة ، حيث قال عليهالسلام : «هو واحد وأحدي بالذات ، بائن من خلقه (٣) ، وهو بكل شيء محيط بالإشراف والإحاطة والقدرة ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض (٤) ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات ؛ لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة ؛ فإذا كان بالذات لزمها الحواية» (٥).
وحاصل معنى الخبر المذكور أن كونه رابع الثلاثة وسادس الخمسة إنما هو باعتبار إحاطة علمه سبحانه بما يتناجون به ، وإشرافه على ذلك ، لا باعتبار حضور ذاته مع ذواتهم ؛ فإن ذلك يستلزم المحلّ والمكان والحواية.
وبالجملة ، فمعيته سبحانه معهم ، إنما هي عبارة عن العلم والإحاطة الواحدة بالنسبة إلى جميع المعلومات لا المعية الذاتية المستلزمة للمعية المكانية والزمانية. ويوضّح هذا المعنى ما رواه في كتاب (التوحيد) عن محمد بن النعمان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله تعالى (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) (٦) ، قال : «كذلك هو في كل مكان». قلت : بذاته؟ قال : «ويحك ، إن الأماكن أقدار ، فإذا قلت : في مكان بذاته ، لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن
__________________
(١) المجادلة : ٧.
(٢) التوحيد : ٨٦.
(٣) في المصدر بعدها : وبذلك وصف نفسه.
(٤) في المصدر : ولا في الأرض.
(٥) التوحيد : ١٣١ / ١٣.
(٦) الأنعام : ٣.