ويعضد هذا الخبر أيضا ما تواتر أيضا عنه صلىاللهعليهوآله من قوله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما».
وقد رواه أحمد في مسنده بثلاثة طرق (١) بعبارات متقاربة ورواه مسلم في صحيحة (٢) ، والثعلبيّ في تفسيره (٣) ، وابن المغازلي في مناقبه (٤) ، وزرين العميدي في (الجمع بين الصحاح الستة) (٥) ، إلى غير ذلك من المواضع.
وأنت خبير بأنه لا معنى لكونهم «كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك» كما تضمنه الخبر الثاني ، ولا معنى للتمسك بهم كما تضمنه الخبر الثالث إلّا الأخذ بأقوالهم ، والاقتداء بأفعالهم ، والتدين بدينهم وشريعتهم ، والاهتداء بسنتهم وطريقتهم. وقد اعترف بذلك المخالفون لهم في الدين وإن كانوا عنهم ناكبين.
قال التفتازاني في (شرح المقاصد) : (فإن قيل : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى» ـ إلى آخره ـ وقال : «إني تارك فيكم ما إن أخذتم لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» ، ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره.
قلت : نعم ، لاتّصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب ، ألا ترى أنه عليهالسلام قرنهم ب (القرآن) في كون التمسك بهم منقذا من الضلالة ، ولا معنى للتمسك ب (الكتاب) إلّا الأخذ بما فيه [من العلم] الهداية ، وكذا العترة؟) (٦) انتهى.
وقال الطبيعي في شرح (المشكاة) ، في بيان معنى الحديث الثاني ما صورته : (شبّه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والأهواء الزائفة ، ببحر لجّي
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٤ ، ١٧ ، ٢٦.
(٢) صحيح مسلم ٥ : ١٨٠.
(٣) عنه في عمدة عيون صحاح الأخبار : ٧١ / ٨٧.
(٤) مناقب علي بن أبي طالب : ٢٣٤ / ٢٨١.
(٥) عنه في عمدة عيون صحاح الأخبار ٧٢ / ٨٩.
(٦) شرح المقاصد ٥ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، باختلاف فيه.