فضلا عن أن يتخذوه منارا للهداية ومقصدا فيها وغاية ، إلّا أنها (لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (١). فليت شعري بم يجيبون غدا بين يدي الجبار؟ وبم يعتذرون بعد رواية هذه الأخبار؟
وأعجب من ذلك ما رواه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من علماء القوم على ما نقله عنه جمع من أصحابنا منهم السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين ابن طاوس قدسسره في كتاب (الطرائف) وغيره. روى ذلك الحافظ المذكور في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الاثني عشر : تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان ، وتفسير ابن جريج ، وتفسير مقاتل بن سليمان ، وتفسير وكيع بن جراح ، وتفسير يوسف بن موسى القطان ، وتفسير قتادة ، وتفسير أبي عبيدة القاسم بن سلام ، وتفسير علي بن حرب ، وتفسير السدّي ، وتفسير مجاهد ، وتفسير مقاتل بن حيان ، وتفسير أبي صالح ، وكلهم من أهل السنّة رووا عن أنس بن مالك قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فتذاكرنا رجلا يصلي ويصوم ويتصدق ويزكي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لا أعرفه». فقلنا : يا رسول الله ، إنه يعبد الله ويسبحه ويقدسه ويهلله؟ فقال : «لا أعرفه».
فبينا نحن في ذكر الرجل إذ طلع علينا ، فقلنا : يا رسول الله ، هو ذا. فنظر إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال لأبي بكر : «خذ سيفي هذا ، وامض إلى الرجل فاضرب عنقه ؛ فإنه أول من يأتي في حزب الشيطان».
فدخل أبو بكر المسجد فرآه راكعا ، فقال : والله لا أقتله ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهانا عن قتل المصلين ، فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال : يا رسول الله ، إني وجدت الرجل راكعا ، وأنت نهيتنا عن قتل الراكعين.
__________________
(١) إشارة إلى الآية : ٤٦ ، من سورة الحج.