ومنها ما ورد في المنيّ ، من أنه «إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منّي ، فليغسل الذي أصابه ، وإن ظنّ أنه أصابه منيّ ولم يستيقن ولم ير مكانه ، فلينضحه بالماء» (١) الحديث. وهو صريح في المطلوب ، والنضح فيه محمول على الاستحباب ، كما في نظائره ، إلى غير ذلك من الأخبار (٢).
وبالجملة ، فالمستفاد من الأخبار أن تيقّن (٣) الطهارة وكذلك الحليّة لا يخرج عنه إلّا بيقين مثله.
ويرد على ما ذهب إليه ابن البرّاج :
أوّلا : أن اشتراط اليقين إن كان مخصوصا بحكم النجاسة دون ما عداها من حكم الطهارة والحليّة والحرمة ، فهو تحكّم محض. وإن كان الحكم في الجميع واحدا فيقين (٤) الطهارة الذي اعتمده ليس إلّا عبارة عن عدم العلم بملاقاة النجاسة ، وهو أعمّ من العلم بالعدم ، ومثله يقين الحليّة.
وثانيا : أنه قد روى ثقة الإسلام في (الكافي) (٥) والشيخ في (التهذيب) (٦) بسنديهما عن الصادق عليهالسلام في الجبن ، قال : «كلّ شيء لك حلال ، حتى يجيئك شاهدان يشهدان (٧) عندك أن فيه ميتة».
ورويا أيضا بسنديهما عنه عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٤ / ٤ ، باب المني والمذي يصيبان الثوب والجسد ، تهذيب الأحكام ١ : ٢٥٢ / ٧٢٨ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٢٤ ، أبواب النجاسات ، ب ١٦ ، ح ٤.
(٢) من الأخبار ، ليس في «ح».
(٣) في «ح» : يقين ، بدل : تيقن.
(٤) في «ح» : واحد فتعيين ، بدل : واحدا فيتعين.
(٥) الكافي ٦ : ٣٣٩ / ٢ ، باب نوادر كتاب العقيقة.
(٦) لم نعثر عليه في التهذيب ، علما أن صاحبي بحار الأنوار ٦٢ : ١٥٦ / ٣٠ ، ووسائل الشيعة ٢٥ : ١١٨ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١ ، ح ٢ ، نقلاه جميعا من الكافي.
(٧) في «ح» : ويشهدان.