بها ؛ ليتحقّق العيب الذي هو سبب في ذلك؟
والتحقيق عندي في هذا المقام ـ ممّا لا يحوم حوله للناظر المنصف نقض ولا إبرام ـ ما أوضحناه في موضع آخر من فوائدنا ، وملخّصه : أن كلّا من الطهارة والنجاسة والحلّ والحرمة ليست امورا عقليّة ، بل هي امور شرعيّة لها أسباب (١) معيّنة من الشارع متلقّاة منه ، فكلّما وجد سبب من تلك الأسباب وصار معلوما للمكلّف ترتّب عليه مسبّبه (٢) من الحكم بأحد تلك الأحكام ، فكما أن من جملة الأسباب المتلقّاة منه مشاهدة ملاقاة النجاسة للماء مثلا ، كذلك من جملتها إخبار المالك بنجاسة مائه وثوبه ونحوهما ، وشهادة العدلين بنجاسة شيء ، ومثله يأتي أيضا في ثبوت الطهارة والحليّة والحرمة.
وليس ثبوت النجاسة لشيء (٣) واتّصافه بها عبارة عن مجرّد ملاقاة عين أحد النجاسات في الواقع ونفس الأمر خاصّة حتى يقال بالنسبة إلى غير العالم بالملاقاة : إن هذا الشيء نجس واقعا وطاهر بحسب الظاهر. بل هو نجس (٤) بالنسبة إلى العالم بالملاقاة أو أحد الأسباب المتقدّمة ، وطاهر بالنسبة إلى غير العالم ، والشارع لم يجعل شيئا من الأحكام منوطا بالواقع ونفس الأمر.
وحينئذ ، فلا يقال : إن إخبار المالك والعدلين إنّما يفيدان ظنّ النجاسة لاحتمال ألّا يكون كذلك في الواقع. كيف ، وهما من جملة الأسباب التي رتّب الشارع الحكم بالنجاسة عليها؟
وبالجملة ، فحيث حكم الشارع بقبول شهادة العدلين وإخبار المالك في ذلك ،
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ع» : لأسباب ، بدل : لها أسباب.
(٢) في «ح» : سببه.
(٣) في «ح» : بشيء.
(٤) في «أ» : طاهر.