أوّلاً : كان هناك جماعة لا يناسبهم العمر اجتماعيّاً للقيام بهذه المهمّة مهما كانوا علماء حكماء ؛ لأنّهم كانوا شبّاناً صغاراً : كالقاسم بن الحسن ، والإمام السجّاد عليهالسلام ، وكذلك عليّ بن الحسين الأكبر على بعض الروايات (١).
ثانياً : كان هناك أكثر من واحد يتّصف بالعوق المانع عن أداء المهمّة : كالعمى في عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ، والضُعف العام عن الحرب ، أو ضُعف الذراعين عن الضرب ، كما وردَ عن محمّد بن الحنفية وهو ابن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
ثالثاً : يبدو أنّ الإمام الحسين عليهالسلام تجنّبَ عن عمدٍ إيكال المهمّة إلى أولاد علي عليهالسلام وأحفاده ، بل أخرَجها عن هذه العائلة تماماً ، والوجه الذي يبدو من ذلك ـ بغضّ النظر عمّا يأتي ـ : هو إجلال هذه العائلة عن مهمّةٍ أدنى منها ، ويمكن لكثيرين من غيرهم القيام بها ، وسيكون مسلم بن عقيل هو خير مَن يكون من خارج الأسرة.
رابعاً : ما يذكرهُ عدد من الخطباء : من أنّ الحسين عليهالسلام حين حَجبَ المهمّة ، أو مَنعها عن أخيه العبّاس عليهالسلام ، وابنه الأكبر وأضرابهم ، إنّما ذَخرها بذلك لنيل الشهادة معه في كربلاء ، وهو مقام أسمى وأعظم ؛ فإنّ مسلم بن عقيل عليهالسلام وإن كان من شهداء الحسين عليهالسلام ، إلاّ أنّ الشهادة بين يدي الحسين وسمعه وبصره ، ولأجل الدفاع المباشر عنه مهمّة أعلى وأصفى وأقدس أمام الله عزّ وجل ، وهذا على أيّ حال مربوط بالعلم الإلهامي الذي يُعرِّفه الإمام الحسين عليهالسلام من قضاء الله وقَدَره.
__________________
(١) حيث كان عُمرُ عليّ الأكبر ـ على ما هو الأشهر بين المؤرّخين وأرباب المقاتل والنَسب ـ نحو ٢٧ سنة ، كما عن الطريحي في المنتخب ، وعُمر السجّاد يوم الطف ٢٣ سنة ، كما في الإيقاد للعظيمي ، وكان عُمر القاسم يوم الطف لا يتجاوز الحُلم ، كما في مقتل الخوارزمي.