سبحانه وتدبيره ، وكلُّ شيء يتوقَّف على ذلك فهو حاصل لا محالة بقدرة الله سبحانه ، وكلُّ مانع يمنع عنه فهو مُنتفٍ بقدرته أيضاً ، لكنْ مع حفظ ظاهر الأسباب والمُسبَّبات المعهودة بطبيعة الحال. والمقصود صدق ما ورد مِن أن لله غايات وبدايات ونهايات في أفعاله جل جلاله (١) ، وأنَّ الأُمور تسير كنظام الخرز يتبع بعضها بعضاً ؛ الأمر الذي يُنتج أنَّ ما يُريده الله سبحانه في البشر حاصل لا محالة. ولا يستطيع أحد على الإطلاق تغييره.
وإنْ خطر في ذهنه كونه مؤثِّراً أو فاعلاً لشيء مِن الأشياء ، قلَّ أو كثر مِن هذه الجهة أو أيِّ جهةٍ أُخرى.
فإذا تمَّ لنا ذلك : أمكننا القول : بأنَّ تصرُّفات الأئمَّة (سلام الله عليهم) وأصحابهم لا شكَّ مُندرجة في هذا النظام الإلهي العام ، ومؤثِّرة في سير التاريخ البشري عامَّة والإسلامي خاصَّة ؛ وحيث عرفنا أنَّ كلََّ ما يُريده الله سبحانه في هذا التاريخ ، فإنَّه لا بُدَّ مِن حدوثه ، يعني حتَّى لو توقَّف على أيِّ سبب خارق للطبيعة ؛ ومِن المُستطاع القول ـ عندئد ـ : إنَّ الإلهام والتوجيه الإلهيَّين لهؤلاء ضروريٌّ في هذه المرحلة مِن التاريخ ، بلْ في كلِّ مرحلة منه ، بلْ ليس مِن الضروري في الفرد أنْ يعلم كونه موجَّهاً ومُسدَّداً مِن قبل الله سبحانه ، بلْ قد يكون كذلك مِن حيث لا يعلم لمدى أهميَّة تأثيره في المصالح العامَّة والتاريخ الإسلامي أو العالم.
ولا شكَّ أنَّنا نستطع إبراز بعض النقاط لأصحاب الأئمَّة عليهمالسلام ، لإيضاح مدى تأثير أعمالهم وأقوالهم في التاريخ القريب والبعيد : النقطة الأُولى : كونهم منسوبين إلى الأئمَّة عليهمالسلام مع أنَّ تأثير الأئمَّة أنفسهم في التاريخ أوضح مِن أنْ يخفى ، وقد يكون ذلك عن طريق
__________________
(١) كشف المُراد للعلاَّمة ص ٣٠٦