الدم حتَّى الصيد (١) ؛ فكَرِه عليهالسلام أنْ يكون سبباً لهتك هذا الحَرَم المُقدَّس.
إذاً ؛ فلم يكن مُستطيعاً أنْ يتجنَّب كلا الأمرين : البيعة والتضحية معاً ، بلْ كان مُكرهاً على أنْ يقبل بأحدهما. وقد اختار لنفسه أعلاهما وأشرفهما وهو التضحية.
المُناقشة الثانية : إنَّ هذا الهدف إنَّما هو هدفه الشخصي مِن حركته ، ونحن نُريد التعرُّف على ما يكون مُحتملاً مِن أهداف الحكمة الإلهيَّة في ذلك.
وقد أشرنا في مُقدِّمات هذا البحث ، إلى ثبوت كلا هذين النحوين مِن الأهداف ، غير أنَّ هذه المُناقشة أيضاً لا تتمُّ لعِدَّة وجوه ، نذكر المُهمَّ منها :
أوَّلاً : إنَّ انقسام الأهداف ـ كما ذكرنا ـ وإنْ كان صحيحاً ، غير أنَّ الباحث أو المُفكِّر ، كما يطمح أنْ يتعرَّف على الهدف الثابت في الحكمة الإلهيَّة ، يطمح أيضاً أنْ يتعرَّف على الهدف الشخصي سواء بسواء.
فالقول باختصاص الطموح بأحد النوعين مِن الأهداف ، دون الثاني قول بلا موجب.
إذن ؛ فحتَّى لو كان عدم المُبايعة هدفاً شخصيَّاً ، فنحن يحسن بنا أنْ نلتفت إليه ونأخذه بنظر الاعتبار.
ثانياً : إنَّ عدم المُبايعة هنا ـ كما هو هدف شخصيٌّ للحسين عليهالسلام ـ هو هدف للحكمة الإلهيَّة أيضاً. وأوضح سبيل إلى إيضاحه ، أنْ نقيس الأمر بحصول المُبايعة ، فكم سوف يحصل مِن المفاسد بوجودها؟ وكيف يتغيَّر الدين الخالص؟ ويبقى مُتغيِّراً فاسداً ـ وحاشاه ـ إلى يوم القيامة ، وهذا بكلِّ تأكيد خلاف الحكمة الإلهيَّة ؛ إذاً فوجود البيعة مُخالفاً للحكمة الإلهيَّة ؛ فيكون
__________________
(١) سورة الأعراف آية (٩٤ ـ ٩٦)