أبوك يا بن عبدالله! لقد كنتَ عالي الهمَّة ، ما رضيتَ لنفسك إلاّ أن يُقرَنَ اسمك باسم ربِّ العالمين (١)!
ولا يستبعد هذا من معاوية وهو ابن أبي سفيان القائل لله درّ أخي بني هاشم. انظروا أين وضع اسمه ، والقائل : فوالذي يحلف به أبو سفيان .. لا جنَّة ولا نار (٢) ، وهو الذي مرّ بقبر حمزة وضربه برجله ؛ وقال : يا أبا عمارة! إنَّ الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعّبون به (٣)!
وهو ابن هند آكلة كبد حمزة سيّد الشهداء (٤) ، وهو أبو يزيد الذي هدم الكعبة (٥) ، وقتل الحسين بن عليّ (٦) ، وأباح المدينة لثلاثة أيّام (٧) ، والذي سمّى المدينة الطيّبة بـ «الخبيثة» إرغاماً لأنوف أهل بيت النبيّ (٨)!
فمعاوية ومن قبله أبوه صخر كانا يتصوّران بأنّ النبيّ هو الذي أدرج اسمه في الأذان ، فقال أبو سفيان : لله در أخي بني هاشم. انظروا اين وضع اسمه ، وقال ابنه معاوية : لله أبوك يا ابن عبدالله! لقد كنت عالي الهمَّة ، ما رضيت لنفسك إلاّ أن تقرن
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠ : ١٠١ ، وفي المعمرين للسجستاني كما في النصائح الكافية : ١٢٦ سأل معاوية بن أبي سفيان يوماً امد بن لبد المعمر : فهل رايت محمداً. قال : من محمّد؟ قال معاوية : رسول الله. قال امد : ويحك افلا فخمته كما فخمه الله فقلت رسول الله صلىاللهعليهوآله وانظر كذلك كنز الفوائد : ٢٦١ وبحار الأنوار ٣٣ : ٢٧٦.
(٢) الاستيعاب ٤ : ١٦٧٩ ؛ الأغاني ٦ : ٣٧١ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ : ٤٥ والنصّ عنه.
(٣) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ١٦ : ١٣٦.
(٤) أُسد الغابة ٢ : ٤٧ ، الطبقات الكبرى ٣ : ١٢.
(٥) سبل الهدى والرشاد ١ : ٢٢٣ ، مختصر تاريخ دمشق ٧ : ١٩١.
(٦) تاريخ الطبري ٥ : ٤٠٠ ـ ٤٦٧ ، وغيره من كتب التاريخ.
(٧) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ : ٢٥٩.
(٨) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ٢٣٨.